ويؤثرون على أنفسهم وبما لديهم: التونسيون يستمرّون في دعمهم اللامحدود لغزة في نكبتها…
لم يبق شكّ لدى كل العرب والعالم تقريبا، أن لاجدوى من انتظار القمم والاجتماعات والمؤتمرات الرسمية، مهما كانت الشعارات التي تعلوها ومهما كانت الخطابات التي تسبقها وتتلوها، خاصة وان القصف لم يتوقف لحظة، وامكانية الحياة تنعدم كل يوم وكل ساعة أكثر فأكثر في قطاع غزة المستباح لآلة الحرب الصهيونية.
فالقرار الرسمي العربي، خرج منذ عقود من ساحة المعركة، والقرار الدولي تتحكم فيه منذ النشأة القوى الداعمة، بل المؤسسة والراعية والحامية لكيان الاحتلال، والقرار الأممي مصادر حتى قبل أن يصدر، وبالتالي لا مجال للتعويل على هذه المستويات الثلاثة من القرار، الا ربما في وساطة او هدنة مؤقتة او رفع حرج عن انتهاكات العدو، او محاولات بائسة لتجميل صورته أمام العالم.
تونس، الدولة والشعب والقرار، كانت متأكدة من كل هذا، وتعرف جيدا ان الجميع تخلّى عن القضية، وان الجميع لا يريد الا ان يجد مبررات ومسوغات لهذا التخلي، لذلك بادرت باتخاذ مسافة من كل ما يُحاك ويُدبّر ويُطبخ في هذه اللقاءات التي تعرف جيدا ان لا جدوى من ورائها، وحتى حضورها في القمة العربية/الاسلامية مؤخرا بالرياض لم يكن على أعلى مستوى، ولم تقل كلمتها في القمة، واكتفت بالحضور البروتوكولي العادي، وتحفظت على كامل بنود البيان الختامي ما عدا الفصول التي تحث على هدنة انسانية او تلك التي تتحدث عن ادخال المساعدات الانسانية.
في المقابل واصلت تونس على المستويين الرسمي والشعبي دعمها المطلق واللامحدود للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، وتحولت ساحات وشوارع العاصمة الى شاهد على حيوية هذا الشعب وعلى نبضه الذي لا يتوقف في دعم الأشقاء في غزة.
تونس طيلة الاسابيع الفارطة، كانت محطة نقل متواصلة للقنوات التي تغطي المسيرات والمظاهرات، وكانت أغلب القنوات التلفزية تقسّم كادر شاشاتها الى أربعة أجزاء، واحد من لندن وآخر من نيويورك والثالث من باريس والرابع من تونس، للتدليل على أهمية الحراك الشعبي اليومي الذي لا ينقطع في دعم المقاومة الفلسطينية وفي ادانة العدوان وفضح همجية المحتل وتواطؤ الانظمة.
كما لم ينقطع تدفق المساعدات الانسانية والتبرعات عن مخازن ومكاتب الهلال الاحمر التونسي، ولم تنقطع رحلات الطائرات المخصصة لذلك الى مطار العريش في مصر، وهذا واجب كل التونسيين وليس منّة أو للتباهي والتفاخر المزيف كما تفعل بعض دويلات الصدفة.
وهذا الاجماع التونسي والاتفاق الضمني بين الحكم والمعارضة والسلطة والشعب على عدالة هذه القضية وعلى ضرورة مساندتها بكل الطرق، لم ينتج فقط من وازع التضامن الأخوي او القومي او الديني فقط، بقدر ما هو نابع في الاساس من قناعة ان الدعم الشعبي هو الوحيد المتبقي الان للشعب الفلسطيني امام همجية العدوان واجرام المحتل، وان الشعوب قادرة بالتحرك والتظاهر والاحتجاج المستمر، وبتجنيد كل امكانيات الدعم والاسناد، ان تخلق رأيا عاما دوليا مناهضا للاحتلال، وان تكشف أكاذيب الدعاية الصهيونية والامريكية والعربية، وأن تعرّي كل أشكال التواطؤ والتآمر والخديعة.
واذا كانت تونس قد تفرّدت في هذا الدعم الجماهيري الذي لم ينقطع منذ بداية العدوان، فان العواصم العربية تبدو وكأنها في سبات عميق وان ما يحدث في غزة هو في كوكب آخر تماما، في الوقت نفسه لم تهدأ عواصم العالم الكبرى يوما واحدا، خصوصا لندن ونيويورك وواشنطن وباريس، التي استطاعت ان تفرض صوتها على صانع القرار هناك، وتابعنا تغير المزاج العام في خطاب سلطاتها، وبدأنا نسمع لاول مرة من الرئيس ماكرون ورئيس وزراء بريطانيا وحتى من أقطاب الادارة الامريكية دعوات لوقف العدوان ومساعدة الشعب الفلسطيني، بعد ان انحازوا كليا وبكل قوة للعدوان الصهيوني في بداية الحرب. فالشعوب هي الامل الوحيد المتبقي لقلب المواقف والموازين، ولا بد من المراهنة على هذا العامل الحيّ المتحرّك النابض الذي يقدر على ايقاف العدوان، ولو بعد حين.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …