2023-11-13

«يا وحدة غزة» التي كانت تنتظر الحكام العرب وسلطان تركيا وخطاب حسن نصر الله

المحافظة‭ ‬على‭ ‬الكراسي‭ ‬والعروش‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬استعادة‭ ‬مجد‭ ‬السلطان‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬فلسطين،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬إيران‭ ‬أهم‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬لبنان‭ ‬نفسها،‭ ‬والشعار‭ ‬الفارغ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬شعارا‭ ‬آخر‭ ‬والمخدوعون‭ ‬الذين‭ ‬امتثلوا‭ ‬للخداع‭ ‬مرة‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يمتثلوا‭ ‬للخداع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

انتظرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬مواصلة‭ ‬شن‭ ‬هجومها‭ ‬الهمجي‭ ‬والبري‭ ‬على‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمواطنين‭ ‬العزل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬حتى‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬ضمانات‭ ‬من‭ ‬الحكام‭ ‬العرب‭ ‬ومن‭ ‬ساكن‭ ‬إسطنبول‭ ‬ومن‭ ‬كلام‭ ‬حسن‭ ‬إيران‭ ‬وميليشياتها‭ ‬بأن‭ ‬جبهة‭ ‬أخرى‭ ‬ضدها‭ ‬لن‭ ‬تُفتح‭.‬

وايا‭ ‬وحدناب‭ ‬اللتين‭ ‬انتظرت‭ ‬اوحدة‭ ‬الجبهاتب‭ ‬تدفع‭ ‬الآن‭ ‬الثمن‭.‬

وايا‭ ‬وحدة‭ ‬غزةب‭ ‬التي‭ ‬انتظرت‭ ‬فتح‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬الذي‭ ‬يوجد‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬عربية‭ ‬تحت‭ ‬رقابة‭ ‬إسرائيلية‭.‬

إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬اللتين‭ ‬لن‭ ‬تكفّا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الظلم‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الفلسطينيون،‭ ‬رأتا‭ ‬كيف‭ ‬ظل‭ ‬الآلاف،‭ ‬ممن‭ ‬تبكيان‭ ‬عليهم،‭ ‬يقعون‭ ‬ضحية‭ ‬لأعمال‭ ‬قصف‭ ‬وحشية،‭ ‬فلم‭ ‬تفعلا‭ ‬شيئا‭ ‬إلا‭ ‬التصريح‭ ‬الكاذب،‭ ‬وإلا‭ ‬التضامن‭ ‬الفضفاض،‭ ‬وإلا‭ ‬لعبة‭ ‬تنس‭ ‬مارسها‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬القذيفة‭ ‬بمثلها‭.‬

لم‭ ‬تشهد‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مثيلا‭ ‬للوحشية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭. ‬ولولا‭ ‬وحشية‭ ‬أخرى‭ ‬مارسها‭ ‬النازيون‭ ‬والحلفاء‭ ‬ضد‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬التاريخ‭ ‬كله‭ ‬قد‭ ‬عرف‭ ‬وحشية‭ ‬مماثلة‭. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬غزة‭ ‬أعنف‭ ‬بكثير،‭ ‬لأنها‭ ‬سجن‭ ‬مغلق‭ ‬من‭ ‬الأساس‭. ‬لا‭ ‬كهرباء‭ ‬تصله‭ ‬ولا‭ ‬مياه‭ ‬ولا‭ ‬غذاء‭ ‬ولا‭ ‬دواء‭ ‬ولا‭ ‬اتصالات‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تعرفه‭ ‬دريسدن‭ ‬في‭ ‬المانيا‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جيش‭ ‬الحلفاء‭ ‬ولا‭ ‬لينينغراد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬النازيين‭.‬

وسوى‭ ‬إطلاقات‭ ‬نار‭ ‬منتظمة‭ ‬ومنضبطة،‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬سوى‭ ‬انتظار‭ ‬غزة‭ ‬لتكون‭ ‬ارمزا‭ ‬حسينياب‭ ‬آخر‭ ‬لكي‭ ‬يلطم‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬عاشوراء‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬الآن‭. ‬لينكشف‭ ‬القناع،‭ ‬ويسقط‭ ‬الادعاء‭.‬

اما‭ ‬بعد‭ ‬بعد‭ ‬حيفاب‭ ‬لم‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬كريات‭ ‬شمونة‭. ‬أخلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬سبع‭ ‬كيلومترات‭ ‬للعبة‭ ‬التنس‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬حزب‭ ‬الله‭. ‬والمباراة‭ ‬انتهت‭ ‬بالتعادل‭ ‬الذي‭ ‬يستحق‭ ‬الشكر‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭. ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬أشبه‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬التحية‭ ‬بأحسن‭ ‬منها‭. ‬لا‭ ‬أكثر‭.‬

المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬تلقى‭ ‬عشية‭ ‬الهجوم‭ ‬البري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬رسالة‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭. ‬وعدا‭ ‬التحذيرات‭ ‬من‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬للقواعد‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬يستطيع‭ ‬المتأمل‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬ماذا‭ ‬تضمّنت‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭. ‬فهناك‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬الكثير‭ ‬مما‭ ‬يمكن‭ ‬للعاب‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬أن‭ ‬يسيل‭ ‬له‭. ‬ليس‭ ‬أقله‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬الإيرانية‭ ‬المحتجزة‭. ‬وليس‭ ‬أقله‭ ‬تخفيف‭ ‬القيود‭ ‬عن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأموال‭. ‬وليس‭ ‬أقله‭ ‬تثمين‭ ‬المبادرات‭ ‬السابقة‭ ‬بالإفراج‭ ‬عن‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬مقابل‭ ‬حفنة‭ ‬مليارات‭ ‬من‭ ‬الدولارات‭.‬

الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬ظل‭ ‬يزمجر‭ ‬ويعربد‭ ‬ويتوعد‭ ‬ويهدد‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬انه‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬منابع‭ ‬المياه‭ ‬والطاقة‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬منها‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ويحتضن‭ ‬أكبر‭ ‬قاعدة‭ ‬أمريكية‭ ‬تزود‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بالسلاح‭ ‬والعتاد‭. ‬

وتكفل‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬بتلجيم‭ ‬باقي‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الطوق‭ ‬وغيرها،‭ ‬بالوعيد‭ ‬وخاصة‭ ‬بالتهديد‭.‬

وفي‭ ‬النهاية‭ ‬فإن‭ ‬االمحافظة‭ ‬على‭ ‬الثورة‭ ‬في‭ ‬إيرانب‭ ‬أهم‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬لبنان،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬المناصب‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ (‬سلطة‭ ‬عباس‭) ‬وعلى‭ ‬الحفلات‭ ‬وصرف‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يعني،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬إقليمي‭ ‬أكبر‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬فلسطين،‭ ‬وأهم‭ ‬من‭ ‬اوحدة‭ ‬الجبهاتب‭.‬

الشعار‭ ‬الفارغ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬شعارا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬والمخدوعون‭ ‬الذين‭ ‬امتثلوا‭ ‬للخداع‭ ‬مرة‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يمتثلوا‭ ‬للخداع‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ومرات‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وسكانها‭ ‬الآن‭. ‬يواجهون‭ ‬بواقع‭ ‬ايا‭ ‬وحدناب‭ ‬لا‭ ‬بـاوحدة‭ ‬الجبهاتب‭.‬

إيران‭ ‬وتركيا‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تمارس‭ ‬مشاهد‭ ‬استعراضية‭ ‬حيال‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬مثلما‭ ‬تمارس‭ ‬الميليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬اللطم‭ ‬في‭ ‬عاشوراء‭ ‬ويمارس‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬عنترياته‭ ‬الزائفة،‭ ‬ويمارس‭ ‬المسؤولون‭ ‬العرب‭ ‬الرقص‭ ‬في‭ ‬حفلات‭ ‬اللهو‭ ‬والمجون‭. ‬ذلك‭ ‬لأنها‭ ‬اتلطم‭ ‬على‭ ‬الحلوى‭ ‬الشامية،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬الحسينب‭ ‬ويحلم‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬سلطان‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬بفلسطين‭ ‬حرة،‭ ‬ويرقصون‭ ‬لا‭ ‬فرحا‭ ‬بانتصارات‭ ‬المقاومة‭ ‬بل‭ ‬بقصفها‭ ‬ومحاصرتها‭. ‬ليست‭ ‬فلسطين‭ ‬ولا‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬المقاومة‭ ‬ولا‭ ‬المظالم‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬هي‭ ‬سبب‭ ‬االملطمةب‭ ‬واالحلمب‭ ‬واالرقصب‭ ‬السبب‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬ذريعة‭ ‬وغطاء‭ ‬لارتكاب‭ ‬المظالم‭ ‬والانتهاكات‭ ‬والتقشف‭ ‬ضد‭ ‬شعوبها‭ ‬باسم‭ ‬االثورة‭ ‬الإسلاميةب‭ ‬وباسم‭ ‬ااسترجاع‭ ‬الأمجادب‭ ‬وباسم‭ ‬االحفاظ‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬العليا‭ ‬والامن‭ ‬القوميب‭.‬

وأنت‭ ‬تسمع‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬أمراء‭ ‬الخليج‭ ‬وشيوخ‭ ‬إيران‭ ‬وسلطان‭ ‬تركيا‭ ‬والرؤساء‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬جرائم‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تنسى‭ ‬ما‭ ‬ارتكب‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬وحشية‭ ‬ضد‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬سوريا،‭ ‬حتى‭ ‬تشرد‭ ‬12‭ ‬مليون‭ ‬إنسان‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬بلد‭.‬

وأنت‭ ‬تسمع‭ ‬أصداء‭ ‬الدجل‭ ‬التي‭ ‬تتردد‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تنسى‭ ‬ما‭ ‬ارتكب‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬قتل‭ ‬واغتصاب‭ ‬وتشريد‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وليبيا‭ ‬واليمن‭ ‬والسودان‭ ‬الان،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬بغداد،‭ ‬مرورا‭ ‬بالفلوجة‭ ‬والرمادي‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬أطراف‭ ‬الموصل‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬وصنعاء‭ ‬والخرطوم‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬مثلا‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬نحو‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬عراقي‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬ما‭ ‬يزالون‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

أما‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬الذي‭ ‬يستحوذ‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬االمقاومةب‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬موجودا‭ ‬بالأساس‭ ‬عندما‭ ‬نجحت‭ ‬المقاومة‭ ‬الوطنية‭ ‬اللبنانية‭ ‬بقيادة‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الشيوعي‭ ‬والحزب‭ ‬الشيوعي‭ ‬والقومي‭ ‬السوري‭ ‬والتقدمي‭ ‬الاشتراكي،‭ ‬من‭ ‬طرد‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1982‭.‬

‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬طائفي‭ ‬بين‭ ‬يهود‭ ‬وشيعة‭! ‬او‭ ‬مطية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬زائلة‭.  ‬هو‭ ‬صراع‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬وفق‭ ‬اعتبارات‭ ‬وطنية‭ ‬أو‭ ‬قومية‭ ‬لأن‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬طائفتين،‭ ‬لو‭ ‬ينظر‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الكسب‭ ‬والخسارة،‭ ‬تسويته‭ ‬والمهادنات‭ ‬فيه‭ ‬أسهل‭ ‬مليون‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬تسويته‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬قومي‭. ‬ومثلما‭ ‬ايتعايشب‭ ‬الشيعة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬مع‭ ‬طوائف‭ ‬أخرى،‭ ‬وتتعامل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينها‭ ‬بالنفاق‭ ‬والغدر‭ ‬فإن‭ ‬لعبة‭ ‬تنس‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬طائفي‭ ‬تؤكد‭ ‬أهلية‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬االيهودب‭ ‬واالصهيونيةب‭.‬

مشروع‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬مشروع‭ ‬صهيوني‭. ‬لأنه‭ ‬يستعين‭ ‬بنفس‭ ‬المعايير‭ ‬ويستمد‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬من‭ ‬الوحشية‭ ‬ذاتها‭. ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬الفلوجة‭. ‬لا‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬درعا‭ ‬أو‭ ‬حلب‭ ‬او‭ ‬اليمن‭ ‬او‭ ‬الخرطوم‭. ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬تنسى‭! ‬لعلك‭ ‬تنسى‭ ‬أن‭ ‬الحصيلة‭ ‬الدموية‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وخاصة‭ ‬التي‭ ‬تتحرك‭ ‬وفق‭ ‬اجندات‭ ‬خارجية‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الحصيلة‭ ‬الدموية‭ ‬للمشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭.‬

ولكن‭ ‬هات‭ ‬من‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬بين‭ ‬الذين‭ ‬ظلوا‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬اوحدة‭ ‬الجبهاتب‭.‬

الرهان‭ ‬نفسه‭ ‬أعمى،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬طبيعة‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وبين‭ ‬المشاريع‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

مفهوم‭ ‬طبعا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬قدمت‭ ‬وتقدم‭ ‬مساعدات‭. ‬ولكن‭ ‬غايتها‭ ‬هي‭ ‬تزويد‭ ‬االشعارب‭ ‬بالمبررات،‭ ‬وليس‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬الشعار‭. ‬المسافةُ‭ ‬شاسعةٌ‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭. ‬ولكن‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والشعوب‭ ‬المتعاطفة‭ ‬آثرت‭ ‬أن‭ ‬تعمي‭ ‬بصرها‭ ‬وبصيرتها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭. ‬آثرت‭ ‬أن‭ ‬ترتضي‭ ‬الخداع‭. ‬ولكن‭ ‬اكثرهم‭ ‬عقلانية‭ ‬هو‭ ‬مَنْ‭ ‬قال‭: ‬اإمض‭ ‬وراء‭ ‬الكذّاب‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬الدارب‭.‬

وها‭ ‬قد‭ ‬وصلنا‭ ‬مع‭ ‬الكذاب‭ ‬إلى‭ ‬باب‭ ‬الدار‭. ‬فلم‭ ‬نر‭ ‬من‭ ‬اوحدة‭ ‬الجبهاتب‭ ‬إلا‭ ‬ايا‭ ‬وحدناب‭. ‬ولم‭ ‬نر‭ ‬التهديد‭ ‬بالقصف‭ ‬الى‭ ‬اما‭ ‬بعد‭ ‬بعد‭ ‬حيفاب‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أقصر‭ ‬من‭ ‬كريات‭ ‬شمونة‭.‬

لو‭ ‬كانت‭ ‬المقاومة‭ ‬ضد‭ ‬الاحتلال‭ ‬تعني‭ ‬ذبحا‭ ‬على‭ ‬مسلخ‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني،‭ ‬فإنها‭ ‬أرحم،‭ ‬وأكثر‭ ‬نفعا،‭ ‬وأمضى‭ ‬فاعلية‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬التحرير،‭ ‬من‭ ‬الذبح‭ ‬على‭ ‬مسلخ‭ ‬مشاريع‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مشروع‭ ‬الرئيس‭ ‬عباس‭.‬

ولئن‭ ‬كان‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬ومقاومتها‭ ‬يقفون‭ ‬في‭ ‬الرمضاء‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬الحر‭ ‬والنار،‭ ‬فما‭ ‬بال‭ ‬الأعمى‭ ‬بيننا‭ ‬يستجير‭ ‬من‭ ‬الرمضاء‭ ‬بالنار؟

أصلا،‭ ‬استغلال‭ ‬فلسطين‭ ‬وقضيتها‭ ‬لصالح‭ ‬أيّ‭ ‬أحد،‭ ‬هو‭ ‬توجه‭ ‬لا‭ ‬بصر‭ ‬ولا‭ ‬بصيرة‭ ‬فيه‭.‬

خير‭ ‬للفلسطيني‭ ‬أن‭ ‬يموت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نفسه،‭ ‬وأن‭ ‬يرفع‭ ‬تابوته‭ ‬على‭ ‬كتفه،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬التابوت‭ ‬على‭ ‬كتف‭ ‬الدجال‭ ‬والكذّاب‭. ‬وان‭ ‬يردد‭ ‬ما‭ ‬ردده‭ ‬شاعر‭ ‬فلسطين‭ ‬الراحل‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬الظل‭ ‬العالي‭:‬

وحدي‭ ‬يا‭ ‬وحدي،‭ ‬كم‭ ‬كنت‭ ‬وحدك‭ ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬أمي‭…‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

للقطع مع ممارسات الماضي ومؤسساته : تونس ورؤية الهدم وإعادة البناء

تواجه تونس اليوم خياراً استراتيجياً في مسارها التنموي يتمثل في كيفية إعادة بناء الدولة وتح…