تحتضن مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ثلاث قمم دفعة واحدة… الأولى اليوم السبت 11 نوفمبر وهي القمة العربية الطارئة بطلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس والثانية غدا الأحد وهي قمّة اسلامية طارئة بدعوة من السعودية وتحت اشراف منظمة التعاون الاسلامي والثالثة قمّة عربية افريقية طارئة انطلقت أمس الجمعة 10 نوفمبر.
والقمّة العربية الطارئة التي تنعقد اليوم بالرياض هي القمّة عدد 51 على امتداد 77 عاما من بينها 32 قمّة عادية و15 قمّة طارئة و4 قمم اقتصادية وتنموية… وكلها ـ في الواقع ـ قمم متشابهة بلا محتوى وبلا مواقف تجعلنا نشيد بها ونفتخر ما عدا القمّة العربية السادسة التي انعقدت بالجزائر سنة 1973 حيث قرر القادة العرب الاستمرار في استخدام ورقة النفط سلاحا في المعركة ضدّ اسرائيل وحظر تصديره الى أمريكا والى كل الدول الاوروبية المساندة لاسرائيل وهو القرار الذي كان اتخذّه وزراء النفط العرب الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في نفس السنة…
ولا ندري إن كان التاريخ سيعيد نفسه بذات الجرأة والقوّة وبذات المواقف التي أربكت أمريكا وأوروبا ودفعت باسرائيل الى الدخول في مفاوضات سلام مع مصر بعد حرب 6 أكتوبر المشهودة سنة 1973 والتي دارت بين القوات المصرية والسورية ضدّ جيش الاحتلال الصهيوني من أجل استرجاع الاراضي العربية التي احتلها سنة 1967…
المملكة العربية السعودية التي تحتضن القمّة العربية الطارئة اليوم هي التي بادرت في تلك المرحلة برفع ورقة النفط ضد الاحتلال الصهيوني على يد ملكها الراحل فيصل بن عبد العزيز حيث تذكر ورقات التاريخ بان الملك السعودي أعلم أو وعد الرئيس المصري أنور السادات بحظر النفط ومنع تصديره الى أمريكا وكل من يساند اسرائيل اذا ما اندلعت الحرب بين مصر والكيان الصهيوني.
وبالفعل وبعد اندلاع الحرب بأسبوع وبتاريخ 17 أكتوبر 1973 قرّر وزراء النفط العرب حظر تصدير النفط تجاه أمريكا مع خفض الانتاج بنسبة ٪15 وقد شمل هذا الحظر عديد الدول الاوروبية التي كانت تساند اسرائيل ولم ينته هذا الحظر الا سنة 1974 أي بعد فض الاشتباك المسلح والدخول في مفاوضات سلام…
ولمن لا يدرك مدى قوة سلاح النفط وعمق تأثيره على اقتصاديات العالم ومدى نجاعته في التأثير على قرارات العدو والدول العظمى المساندة له فإن قرار الدول العربية سنة 1973 حظر تصدير النفط الى أمريكا هو الذي دفع بريطانيا وفرنسا لالتزام الحياد وعدم سماحهما باستعمال أجوائهما ومطاراتهما لنقل العتاد العسكري الى اسرائيل… ويوم 7 نوفمبر 1973 أصدر وزراء خارجية السوق الاوروبية المشتركة بيانا طالبوا فيه اسرائيل بالانسحاب الفوري من الاراضي العربية المحتلة ـ نوفمبر 1973 ألغت شركات الطيران الامريكية 160 رحلة يومية لمواجهة أزمة الوقود وشهدت أمريكا كما أوروبا طوابير طويلة من السيارات أمام محطات النفط الفارغة.
ـ انتقل سعر البرميل سنة 1973 من 2،32 دولار… الى 11 دولارا…
وهكذا مثل القرار العربي صدمة كبرى في أوروبا وأمريكا وتسمى اعلاميا اصدمة النفطب التي اربكت الاقتصاديات العالمية ودفعت الدول العظمى الى التراجع عن دعم اسرائيل بل طالبوها بالانسحاب الفوري من الاراضي العربية المحتلة سنة 1967 والدخول في مفاوضات سلام مع مصر.
هذا ما فعله الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية في تلك المرحلة الصعبة من سنة 1973 حيث كان لقرار حظر تصدير النفط تجاه أمريكا نجاعة كبرى أرغمت العدو على الانسحاب والتراجع…
فما الذي يمنع السعودية ـ اليوم ـ وهي تتبنى وترأس ثلاث قمم عربية اسلامية وافريقية من اتخاذ قرار بهذا الحجم…؟ ما الذي يمنع محمد بن سلمان وليّ عهدها وملكها الفعلي من الدفع تجاه استعمال سلاح النفط…
حرب 6 أكتوبر سنة 1973 كانت حربا نظامية… جيوش مقابل جيوش… ولم تكن فيها الخسائر البشرية بحجم الابادة التي تشهدها غزة الآن على يد العدو الصهيوني بحيث تجاوز عدد الشهداء 11 ألف شهيد… ورغم ذلك تحرك القادة العرب في تلك المرحلة وأعملوا سلاح النفط…
فما الذي يمنع اقادة المرحلةب من اغاثة غزة بهذا السلاح وهو بين أيديهم ولا يستدعي تحريك جيوش وعتاد… فقط قرارا جريئا مع نفاذ عاجل…
اسلاح النفطب هو الورقة الوحيدة أمام القمة العربية وكذا القمّة الاسلامية وبامكان محمد ابن سلمان ولي العهد وملك المرحلة في السعودية ان يستعيد امجد الآباءب وأن يكون في حجم الملك فيصل ابن عبد العزيز الذي دفع دول النفط الى اقرار حظر تصديره الى العدوّ الصهيوني وكل من وقف الى جانبه. لقد كان قرارا تاريخيا بامكان السعودية أن تدفع اليه من أجل من ماتوا واستشهدوا ومن أجل رفع هذا الضيم العظيم الذي يتعرض له اخواننا في غزة التي تحوّلت الى مقبرة عشوائية حيث الموتى فوق الارض لا تحقها…
أمّا المواقف المخزية… مواقف العار من مثل الدعوة الى وقف اطلاق النار واطلاق سراح الاسرى وخفض التصعيد وحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات الانسانية فهذه اانشائياتب متأخرة لم تعد مجدية ولن تردع اسرائيل ولن تربك أمريكا ولا فرنسا ولا بريطانيا… ومثلها مثل االأغنيات الرديئةب التي ملّها الرأي العام العربي وأصبحت عناوين مذلة وعار…
ثلاث قمم طارئة على الاراضي السعودية…
ومن العار ان تنتهي ببيان ادانة لاسرائيل ودعوات لن يُنصت اليها جيش الاحتلال لوقف اطلاق النار…
ندرك جيدا ان حضور دول التطبيع العربي سيكون ثقيلا على اشغال القمّة… كما ندرك انها لن تسمح بالدفع لرفع اسلاح النفطب نزولا عند تعليمات االبيت الابيضب وبالتالي فإن النتيجة لن تكون في الأخير غير صدور ابيان عار وابالثلاث هذه المرةب.
«مجلس أعلى للثقافة».. من أجل إعادة البناء..!
من أكثر القطاعات التي تحتاج الى «حرب تحرير وتطهير» كبرى، قطاع الثقافة و«ثكنته البيروقراطي…