قطاع النقل بين الواقع والانتظارات : مقاربات تنموية للقطاع غالبا ما تصطدم بشحّ الإمكانات التمويلية
تشارك تونس في مؤتمر ومعرض النقل الذكي والبنية التحتية واللوجستيات للشرق الأوسط وإفريقيا المنعقد بالقاهرة من 5 إلى 8 نوفمبر 2023 ، حيث حضره وزير النقل ربيع المجيدي وأكد على الوعي بمكانة قطاع النّقل في تونس الذي يتعمّق أكثر فأكثر من خلال الرؤية الإستراتيجية لقطاع النقل واللوجستية في أفق سنة 2040 التي تم من خلالها إيفاء حقّ جميع البرامج الوطنية الأخرى الإيكولوجية والطاقية والرّقمية والاقتصاد الدّائري في التزام كامل مع التعهدات الدولية .
كما أن هذا التوجه يأتي في انسجام مع رؤية تونس 2035 التي تمثّل خارطة طريق لمزيد الاستفادة من المقومات والطاقات الكامنة ، وقد تمّ إعدادها بالاعتماد على الدراسات الاستشرافية وعلى أهداف التنمية المستدامة 2030 لمنظمة الأمم المتحدة وكذلك الأجندة الإفريقية 2063 .
وبالرغم من الإشكاليات المالية والصعوبات الهيكلية التي يعاني منها قطاع النقل في تونس إلا أن هذه المقاربة التنموية الجديدة تهدف وفق الجهات الرسمية إلى بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع وقادر على التموقع على المستوى الإقليمي والدولي والتأقلم والتكيف مع الأزمات والصدمات عبر إحداث تحول هيكلي يمكّن من الانصهار في سلاسل القيمة العالمية من خلال التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة واعتماد التحول الرقمي ، والتحول الطاقي والبحث العلمي والتجديد .
رؤية تونس 2035
وتسعى رؤية تونس لقطاع النقل في أفق 2035 إلى الرفع من قدرة الاقتصاد على التأقلم مع التغيرات المناخية وحسن توظيف الموارد الطبيعة لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة مع ضمان حق الأجيال القادمة فيها والحد من التلوث وحماية البيئة من خلال التوجه نحو وسائل النقل الكهربائية واعتماد الطاقات المتجددة كخيار إستراتيجي والتأسيس لنقل ذكي ذي فعالية ونقل آمن ونظيف وأخضر ومندمج لتكون مرافق النقل فضاءات حياة وحافظة لكرامة الفرد والمجموعة ومكوّنا أساسيا لإنشاء مدن نظيفة وذكية يطيب فيها العيش .
وبالرغم من المصاعب المالية التي تعاني منها تونس حاليا ، فإن عملية استشراف هذا القطاع تبقى مركزة على تطوير النقل العمومي الجماعي عبر تنفيذ منظومة التنقلات الحضرية بالإضافة إلى تدعيم وتطوير شبكات النقل الحديدي للأشخاص والبضائع واعتماده كخيار استراتيجي للتنقل علاوة على تحسين النجاعة الطاقية لقطاع النقل بمختلف أنماطه وتطوير أسطوله والاتجاه نحو استغلال وسائل نقل مستدامة واعتماد الطاقات البديلة وإنتاج الهيدروجين الأخضر بالإضافة إلى العمل على تخفيض الكلفة العملياتية .
وفي نفس السياق يتوجب النهوض بمنظومة اللوجستية وتهيئة البنية التحتية لهذا القطاع من موانئ بحرية ومطارات ومعابر حدودية برية بما يجعل من تونس بوابة إلى افريقيا جنوب الصحراء ، مع تطوير مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتنويع الأنشطة بها على غرار إنشاء محطة مينائية إقليمية للأمن الغذائي.
ويتم العمل حاليا على اعتماد الرقمنة وتطبيقات التكنولوجيات الحديثة والنهوض بجودة الخدمات ، وذلك في إطار المخطط الإستراتيجي للرقمنة والنقل الذكي 2025-2023 الذي تم إعداده ويأخذ بعين الاعتبار الأولويات القطاعية والتوجهات الوطنية للتحول الرقمي التي تقتضي تعميم الخدمات الرقمية وتشجيع الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي .
للواقع صورة أخرى وعلى خلاف ما سبق ذكره من توجهات واستراتيجيات تبقى رهينة للتمويل العمومي والأجنبي لتحقيق الأهداف المنشودة ، يبقى واقع قطاع النقل في بلادنا مترديا من حيث مؤشرات نسب الإستغلال وتراجع الخدمات العمومية للنقل بل إن مؤشرات سنة 2010 تظل أحد الأهداف الرئيسية للوصول إليها إثر مرور سنوات على سقوط نظام بن علي ، ذلك أن اعتماد الحافلات المستعملة لنقل تونس وتردي وتقادم أسطول عربات الميترو أدى إلى غياب النجاعة الكاملة والمطلوبة في التنقلات الحضرية بتونس الكبرى في ظل معاناة الشركة بين غياب تفعيل مشاريع إعادة الهيكلة وتراجع التمويل العمومي المخصص للمشاريع والاستثمارات الكبرى .
وتعاني أغلب شركات ومنشآت النقل العمومي اليوم من أزمات مالية متتالية كانت نتيجة لعدة ظواهر سلبية مرّ بها القطاع أهمها المطلبية الاجتماعية وضعف القرار السياسي الحكومي خلال السنوات الأخيرة في إدارة ملف النقل العمومي بمختلف أنماطه وهو يعاني من تراجع في نسب الاستغلال وتدني المردودية.
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…