2023-11-03

الجمهور يحب لصوص البنوك انتقاماً حكايات عن سرقة الخزائن العامرة

عندما‭ ‬سأل‭ ‬القاضي‭ ‬لصاً‭ ‬اعتاد‭ ‬سرقة‭ ‬المصارف‭ ‬الماذا‭ ‬تسرق‭ ‬البنوك؟ب،‭ ‬أجاب‭ ‬اللص‭ ‬ساخراً‭ ‬الأن‭ ‬المال‭ ‬هناكب‭. ‬وحسب‭ ‬رأي‭ ‬لص‭ ‬آخر‭ ‬قبض‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬أوستن‭ (‬تكساس‭) ‬قال‭: ‬االمصارف‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسرقنا،‭ ‬ونحن‭ ‬نحاول‭ ‬استعادة‭ ‬ما‭ ‬تسرقه‭ ‬مناب‭.‬

مهما‭ ‬كان‭ ‬الوضع‭ ‬فإن‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬سرقة‭ ‬المصارف‭ ‬تتمتع،‭ ‬ضمنياً،‭ ‬بتحقيق‭ ‬الحلم‭ ‬المستحيل‭ ‬لدى‭ ‬المشاهد‭. ‬حين‭ ‬يجلس‭ ‬إلى‭ ‬مقعده‭ ‬لمتابعة‭ ‬خطّة‭ ‬لسرقة‭ ‬مصرف،‭ ‬صغيراً‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬كبيراً،‭ ‬فإن‭ ‬جزءاً‭ ‬منه‭ ‬يريد‭ ‬السارق‭ (‬خصوصاً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الدور‭ ‬مسنداً‭ ‬إلى‭ ‬نجم‭ ‬ساطع‭) ‬أن‭ ‬ينجح‭. ‬أنت‭ ‬وأنا‭ ‬لن‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬إذن،‭ ‬دَع‭ ‬غيرنا‭ ‬ينجح‭. ‬بالتالي‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬جريمة‭ ‬يصبح‭ ‬أمراً‭ ‬مبرراً‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬توفرت‭ ‬الأسباب‭ ‬لذلك‭.‬

تقليد‭ ‬قديم

حالياً‭ ‬هناك‭ ‬فيلمان‭ ‬جديدان‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬البنوك‭ ‬تُضاف‭ ‬إلى‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬دارت‭ ‬حول‭ ‬الموضوع‭ ‬هذا‭. ‬الفيلم‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬اسرقة‭ ‬88ب‭ (‬Heist 88‭) ‬لمنهاج‭ ‬هودا‭ (‬بنغلاديشي‭ ‬الأصل،‭ ‬بريطاني‭ ‬الهوية،‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬لوس‭ ‬أنجلس‭). ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬الذي‭ ‬تعرضه‭ ‬شبكة‭ ‬اشوتايمب‭ ‬مبنيّ‭ ‬على‭ ‬حادثة‭ ‬حقيقية‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شيكاغو‭ ‬سنة‭ ‬1988‭ ‬وبطلها،‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬كورتني‭ ‬ب‭ ‬فانس،‭ ‬أفرو‭- ‬أمريكي‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬دعة،‭ ‬لكنه‭ ‬يريد‭ ‬زيادة‭ ‬نصيبه‭ ‬من‭ ‬الثروة‭. ‬يجمع‭ ‬أربعة‭ ‬أفرو‭- ‬أمريكيين‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬المصارف‭ ‬ويبث‭ ‬في‭ ‬بعضهم‭ ‬روح‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬إتمام‭ ‬سرقة‭ ‬إلكترونية،‭ ‬يرى‭ ‬أنها‭ ‬سهلة‭ ‬التحقيق‭. ‬يدمج‭ ‬الفيلم‭ ‬هذا،‭ ‬الخط‭ ‬مع‭ ‬عنصرية‭ ‬يتلقاها‭ ‬الموظفان‭ ‬الأسودان‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬المصرف‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬قناعتهما‭ ‬بأن‭ ‬يرتكبا‭ ‬الجريمة‭.‬

الفيلم‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬االجانحونب‭ (‬The Delinquents‭) ‬عن‭ ‬موظفين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬آخر‭ (‬الفيلم‭ ‬هو‭ ‬إنتاج‭ ‬أرجنتيني‭). ‬أحدهما‭ ‬ينفذ‭ ‬خطة‭ ‬لسرقة‭ ‬المال‭ ‬يخبر‭ ‬بها‭ ‬زميلاً‭ ‬له‭. ‬الشرطة‭ ‬تلقي‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬الفاعل،‭ ‬أما‭ ‬الآخر‭ (‬الذي‭ ‬احتفظ‭ ‬بالغنيمة‭) ‬فلا‭ ‬نعرف‭ ‬عنه‭ ‬شيئاً‭ ‬كون‭ ‬الفاعل‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬بمكان‭ ‬الغنيمة‭.‬

الأول‭ ‬منفّذ‭ ‬باحتراف‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬تنفيذ‭ ‬فيلم‭ ‬مشوّق‭ (‬وهو‭ ‬يحقق‭ ‬نصف‭ ‬هذه‭ ‬الغاية‭ ‬فقط‭)‬،‭ ‬الثاني،‭ ‬كما‭ ‬أخرجه‭ ‬رودريغو‭ ‬مورينو،‭ ‬يرتاح‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬توليفة‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬تحاذي‭ ‬الكوميديا‭  ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعمد‭ ‬إليها‭ ‬فعلياً‭.‬

ينتمي‭ ‬كلا‭ ‬الفيلمين‭ ‬إلى‭ ‬تقليد‭ ‬قديم‭ ‬من‭ ‬السينما،‭ ‬التي‭ ‬تسرد‭ ‬الخطط‭ ‬وتتابع‭ ‬النتائج‭ ‬وتحقق‭ ‬رغبات‭ ‬المُشاهدين‭ ‬الدفينة‭. ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬نحن‭ ‬انتفرّجب‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬يسطو‭ ‬فيها‭ ‬اللصوص‭ ‬المحترفون‭ ‬على‭ ‬مال‭ ‬ليس‭ ‬مالنا‭ ‬لكي‭ ‬نشعر‭ ‬بالفداحة‭. ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬نتمنّى‭ ‬للصوص‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬المهمّة‭ ‬شرط‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬جريمة‭ ‬قتل‭ ‬مقصودة،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬تبريرات‭ ‬تدفع‭ ‬بالسارق‭ ‬لارتكاب‭ ‬السرقة‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬والدته‭ ‬بحاجة‭ ‬لرعاية‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تأمينها،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬المال‭ ‬المودع‭ ‬هو‭ ‬مال‭ ‬خزّنته‭ ‬المافيا‭ ‬في‭ ‬المصرف،‭ ‬أو‭ ‬للسبب‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعاً‭: ‬الفقر‭ ‬نال‭ ‬ما‭ ‬ناله‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭ ‬بحيث‭ ‬أن‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬للتغلب‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬سرقة‭ ‬المصرف‭.‬

حتى‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تسرق‭ ‬فيها‭ ‬عصابة‭ ‬كاملة‭ ‬متخصصة‭ ‬المصارف‭  ‬دون‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الدوافع‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه،‭ ‬فإن‭ ‬النتيجة‭ ‬المرتسمة‭ ‬على‭ ‬الشاشة،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أحسن‭ ‬المخرج‭ ‬التنفيذ،‭ ‬هي‭ ‬تشويق‭ ‬وترفيه‭.‬

واحد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬عصابة‭ ‬ستسرق‭ ‬أحد‭ ‬بنوك‭ ‬مدينة‭ ‬بوسطن‭ ‬هو‭ ‬االبلدةب‭ (‬The Town‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬أخرجه‭ ‬بن‭ ‬أفلك‭ ‬ببراعة،‭ ‬وأدّى‭ ‬فيه‭ ‬دور‭ ‬عضو‭ ‬العصابة‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬يتحوّل‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بالمهمّة‭ ‬إلى‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬حياة‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يحب‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬التقدير‭ ‬لبطل‭ ‬لم‭ ‬يتخلَ‭ ‬بعد‭ ‬عن‭ ‬أخلاقياته‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬تشويقي‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬بداية‭ ‬رائعة‭ ‬لممثل‭ ‬يستطيع‭ ‬ممارسة‭ ‬الدورين،‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا‭ ‬ووراءها،‭ ‬بإتقان‭.‬

المهمّة‭ ‬المستحيلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬هي‭ ‬تبرير‭ ‬جريمة‭ ‬السرقة،‭ ‬التي‭ ‬تتم‭ ‬بالعنف‭ ‬والقتل‭ ‬أيضاً،‭ ‬لكن‭ ‬المخرج‭ ‬آرثر‭ ‬بن،‭ ‬حقق‭ ‬هذا‭ ‬المستحيل‭ ‬في‭ ‬ابوني‭ ‬وكلايدب‭ ‬سنة‭ ‬1967‭ ‬عندما‭ ‬سرد‭ ‬القصّة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للثناني‭ ‬كلايد‭ (‬وورن‭ ‬بيتي‭) ‬وبوني‭ (‬فاي‭ ‬داناواي‭) ‬اللذين‭ ‬انطلقا‭ ‬في‭ ‬ثلاثينات‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم‭ ‬يسرقان‭ ‬من‭ ‬المصارف‭ (‬وحيدان‭ ‬أولاً‭ ‬ومن‭ ‬ثَمّ‭ ‬بانضمام‭ ‬شلة‭ ‬صغيرة‭ ‬لاحقاً‭) ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الوسط‭ ‬الأميركي‭. ‬ضع‭ ‬الحق‭ ‬هنا‭ ‬على‭ ‬سنوات‭ ‬اليأس‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انتشار‭ ‬الفقر‭ ‬بين‭ ‬مواطني‭ ‬الولايات‭ ‬الوسطى،‭ ‬وإلى‭ ‬قيام‭ ‬المصارف‭ ‬بالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬العقارات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أصحابها‭ ‬الإيفاء‭ ‬بدفع‭ ‬ديونها‭. ‬ولزيادة‭ ‬الجرعة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تقريب‭ ‬بوني‭ ‬وكلايد‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور،‭ ‬عُمّقت‭ ‬العلاقة‭ ‬العاطفية‭ ‬والشخصية‭: ‬كلايد‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عاجزاً‭ ‬جنسياً،‭ ‬لكنه‭ ‬شاعر‭ ‬وبوني‭ ‬لن‭ ‬تتخلى‭ ‬عنه‭.‬

سيارات‭ ‬الهروب

الشرطة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬القانون‭… ‬غالباً‭ ‬ماتتداول‭ ‬بعض‭  ‬الأفلام‭  ‬أن‭ ‬حاميها‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬حراميها‭ ‬أيضاً‭ ‬أو

‭ ‬مشتركاً‭ ‬في‭ ‬الصفقة‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬سام‭ ‬بكنباه‭ ‬االفرارب‭ (‬The Getaway‭) ‬سنة‭ ‬1972‭. ‬هنا‭ ‬سجين‭ ‬اسمه‭ ‬دوك‭ ‬ماكوي‭ (‬ستيف‭ ‬ماكوين‭) ‬بارع‭ ‬في‭ ‬سرقة‭ ‬المصارف‭ ‬سيُخلي‭ ‬مدير‭ ‬السجن‭ (‬بن‭ ‬جونسون‭) ‬سبيله‭ ‬بشرط‭ ‬القيام‭ ‬بسرقة‭ ‬مصرف‭ ‬وتقاسم‭ ‬الغنيمة‭ ‬معه‭. ‬يكتشف‭ ‬دوك‭ ‬أن‭ ‬مدير‭ ‬السجن‭ ‬قبض‭ ‬بعض‭ ‬الثمن‭ ‬مقدّماً‭ ‬عندما‭ ‬أجبر‭ ‬زوجته‭ (‬آلي‭ ‬مكغرو‭) ‬على‭ ‬ممارسة‭ ‬الحب‭ ‬معه‭ ‬شرطاً‭ ‬للإفراج‭ ‬عنه‭. ‬العلاقة‭ ‬بينهما‭ ‬تسوء،‭ ‬ودوك‭ ‬حائر‭ ‬في‭ ‬أمره‭ ‬حيالها،‭ ‬ثم‭ ‬ها‭ ‬هم‭ ‬رجال‭ ‬مدير‭ ‬السجن‭ ‬يتدافعون‭ ‬لقتله‭ ‬وسرقة‭ ‬الغنيمة‭ ‬بأسرها‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الفيلم،‭ ‬وبعد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬الأشرار،‭ ‬يتجه‭ ‬الزوجان‭ ‬بالغنيمة‭ ‬كاملة‭ ‬إلى‭ ‬المكسيك‭. ‬إزاء‭ ‬ذلك‭ ‬كلّه‭ ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاصطفاف‭ ‬وراء‭ ‬مجرمي‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم؟

وورن‭ ‬بيتي‭ ‬لعب‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1971‭ ‬فيلماً‭ ‬آخر‭ ‬مبنياً‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬مصارف‭ ‬هو‭ ‬ا‭$‬ب‭ (‬يكتفي‭ ‬العنوان‭ ‬بالعلامة‭ ‬الشهيرة‭). ‬كتبه‭ ‬وأخرجه‭ ‬ريتشارد‭ ‬بروكس‭ ‬عن‭ ‬لص‭ ‬محترف‭ ‬يخطط‭ ‬لسرقة‭ ‬ثلاثة‭ ‬حسابات‭ ‬بنكية‭ ‬لثلاثة‭ ‬مجرمين‭ (‬المبرر‭ ‬موجود‭ ‬من‭ ‬البداية‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬تبعات‭ ‬ذلك‭ ‬خطيرة،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬محترف‭ ‬السرقة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سينتصر‭ ‬على‭ ‬محترفي‭ ‬القتل‭.‬

أحياناً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬المجرم‭ ‬فرداً‭ ‬واحداً‭ ‬كما‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬دون‭ ‬سيغل‭ ‬اتشارلي‭ ‬فارِكب‭ ‬سنة‭ ‬1973‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الفيلم‭ ‬ينفّذ‭ ‬وولتر‭ ‬ماثاو‭ ‬شيئين‭: ‬يترك‭ ‬الكوميديا‭ ‬خلفه‭ ‬لكي‭ ‬يؤم‭ ‬بطولة‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬الجاد،‭ ‬ويسرق‭ ‬مصرفاً‭ ‬يودع‭ ‬فيه‭ ‬المافيا‭ ‬ماله‭. ‬شريكه‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬شاب‭ ‬ساذج‭ (‬أندرو‭ ‬روبنسن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أدّى‭ ‬دور‭ ‬السفّاح‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬كلينت‭ ‬إيستوود‭ ‬اديرتي‭ ‬هاريب‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭) ‬يلقى‭ ‬حتفه‭ ‬سريعاً‭ ‬بعدما‭ ‬وصل‭ ‬مندوب‭ ‬العصابة‭ ‬القاتل‭ ‬المحترف‭ ‬مولي‭ (‬جو‭ ‬دون‭ ‬بايكر‭) ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬تشارلي‭ ‬والمال‭ ‬معاً‭.‬

اذَ‭ ‬درايفرب‭ ‬لوالتر‭ ‬هيل،‭ ‬هو‭ ‬فيلم‭ ‬آخر‭ ‬عن‭ ‬السرقة‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى‭. ‬التحري‭ (‬بلا‭ ‬اسم‭ ‬لشخصيّته‭)‬،‭ ‬بروس‭ ‬ديرن‭ ‬يلاحق‭ ‬السائق‭ (‬رايان‭ ‬أونيل‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يشترك‭ ‬في‭ ‬السرقات‭ ‬كسائق‭ ‬لما‭ ‬يُسمى‭ ‬بـاسيارة‭ ‬الهروبب‭. ‬يدرك‭ ‬التحري‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬لسرقة‭ ‬جديدة،‭ ‬ويحاول‭ ‬إجبار‭ ‬السائق‭ ‬على‭ ‬الاعتراف‭ ‬بها‭. ‬والي‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬القصّة‭ ‬جيدة‭ ‬وشخصياتها‭ ‬وممثليها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬التعبير،‭ ‬هناك‭ ‬ذلك‭ ‬الإخراج‭ ‬المتين‭ ‬الذي‭ ‬يؤمّنه‭ ‬والتر‭ ‬هِيل‭ ‬بلا‭ ‬هفوات‭.‬

أول‭ ‬أفلام‭ ‬كونتِن‭ ‬تارنتينو‭ ‬التي‭ ‬وضعته‭ ‬على‭ ‬سدّة‭ ‬الشهرة‭ ‬كان‭ ‬اكلاب‭ ‬المخزنب‭ (‬Reservoir Dogs‭) (‬1992‭) ‬حيث‭ ‬تنفّذ‭ ‬العصابة‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭ ‬مثل‭ ‬وايت‭ (‬هارفي‭ ‬كايتل‭)‬،‭ ‬ومستر‭ ‬أورانج‭ (‬تيم‭ ‬روث‭)‬،‭ ‬وبلوند‭ (‬مايكل‭ ‬مادسن‭)‬،‭ ‬سرقة‭ ‬ضخمة‭ ‬وتنتقل‭ ‬مع‭ ‬رهينة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬المخبأ،‭ ‬حيث‭ ‬تتدرّج‭ ‬المواقف‭ ‬سريعا‭ ‬صوب‭ ‬عنف‭ ‬زائد‭ ‬عن‭ ‬الحاجة‭. ‬هذا‭ ‬فيلم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تستبعد‭ ‬احتمال‭ ‬اصطفاف‭ ‬الجمهور‭ ‬مع‭ ‬العصابة‭ ‬بسبب‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬تمارسه‭. ‬ليس‭ ‬من‭ ‬بينها‭ (‬وكلهم‭ ‬ممثلون‭ ‬جيدون‭) ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬التعاطف‭ ‬معه‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬الدافع‭ ‬هنا‭ ‬ليس‭ ‬أخلاقياً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

دينيرو‭/ ‬باتشينو

كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المخرجين‭ ‬الذين‭ ‬وردت‭ ‬أسماؤهم‭ ‬أعلاه‭ ‬من‭ ‬صفوة‭ ‬سينمائيي‭ ‬هوليوود،‭ ‬كذلك‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬سبايك‭ ‬لي،‭ ‬الذي‭ ‬أنجز‭ ‬سنة‭ ‬2006‭ ‬فيلماً‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬عنوانه‭ ‬االداخلب‭ (‬Inside Man‭)‬،‭ ‬وفيه‭ ‬لص‭ ‬محترف‭ (‬كلايف‭ ‬أووَن‭) ‬تزداد‭ ‬مهمّته‭ ‬صعوبة‭ ‬بوجود‭ ‬التحري،‭ ‬دينزل‭ ‬واشنطن‭ ‬الذي‭ ‬يكتشف‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬برمّتها‭ ‬ليست‭ ‬بشخص‭ ‬لص‭ ‬واحد،‭ ‬بل‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬فساد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬السلطات‭ ‬أيضاً‭.‬

هذا‭ ‬الفساد‭ ‬لا‭ ‬يرد‭ ‬ذكره‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬احرارةب‭ (‬Heat‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬أنجزه‭ ‬مايكل‭ ‬مان‭ ‬سنة‭ ‬1995‭ ‬وجمع‭ ‬له‭ ‬ممثلان‭ ‬من‭ ‬وزن‭ ‬ثقيل‭ ‬واحد‭ ‬هما،‭ ‬آل‭ ‬باتشينو‭ ‬وروبرت‭ ‬دينيرو‭. ‬الأول‭ ‬يرأس‭ ‬جهاز‭ ‬البوليس‭ ‬الذي‭ ‬يرقب‭ ‬كل‭ ‬حركة‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬العصابة‭ ‬التي‭ ‬يديرها‭ ‬دينيرو‭. ‬المعركة‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬تدور‭ ‬بين‭ ‬الفريقين‭ ‬أمام‭ ‬المصرف‭ ‬المنهوب‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬التنفيذ،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬المُشاهد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬توثّب‭ ‬دائم‭. ‬كون‭ ‬المعركة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الفيلم‭ ‬وقبل‭ ‬حلّ‭ ‬الإشكالات‭ ‬العالقة‭ ‬فإن‭ ‬قيامه‭ ‬باتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬لتأييد‭ ‬أحد‭ ‬الفريقين‭ ‬ليس‭ ‬متاحاً‭.‬

بالطبع‭ ‬هناك‭ ‬تلك‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬يسودها‭ ‬الضحك‭ ‬من‭ ‬الفشل،‭ ‬كذلك‭ ‬الذي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬الجهد‭ ‬الكبير‭ ‬لحفر‭ ‬نفق‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬ما‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تحت‭ ‬المصرف‭ ‬لدخوله‭ ‬ليكتشف‭ ‬اللصوص‭ ‬أن‭ ‬الفتحة‭ ‬التي‭ ‬أحدثوها‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬دكان‭ ‬خضروات‭ ‬مثلاً‭. ‬إنما‭ ‬معظم‭ ‬الأفلام‭ ‬المنتمية‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬إما‭ ‬تثير‭ ‬الإعجاب‭ ‬كما‭ ‬حال‭ ‬فيلم‭ ‬االحجر‭ ‬الساخنب‭ ‬لبراعة‭ ‬تنفيذها‭ ‬كما‭ ‬تقدم،‭ ‬أو‭ ‬الحزن‭ ‬لفشلها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

المحكمة الجنائية تنصف غزة : أوامر باعتقال نتانياهو وغالانت من أجل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس أوامر اعتقال بحق …