أستاذ الإقتصاد عبد الجليل البدوي : أزمة تمويل الاقتصاد لها جذور تاريخية مرتبطة بمنوال التنمية
يطرح تمويل الاقتصاد التونسي إشكالية كبيرة تعود لأسباب تاريخية إلى جانب الأسباب الراهنة المعلومة والمتعلقة بشح السيولة و نقص الموارد الذاتية للدولةب, هذا ما أكده أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية الدكتور عبد الجليل البدوي خلال تقديمه للدراسة التي أنجزها عدد من أساتذة الاقتصاد تحت لواء المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وقد تضمنت هذه الدراسة التي قدمها الأستاذ البدوي خلال المائدة المستديرة التي نظمها المنتدى صباح أمس بالعاصمة ستة محاور أو أجزاء تعلق المحور الأول بالبعد التاريخي والهيكلي لإشكالية تمويل الإقتصاد التونسي فيما طرح الجزء الثاني مسألة مساهمة النظام البنكي في تمويل الإقتصاد التونسي على مستوى الإنجازات و النقائص و الآفاق أما الجزء الثالث فيتعلق بكيفية تنمية الإدخار الوطني و تعبئته من أجل تمويل الإستثمار في تونس إلى جانب طرح مسألة الإقتصاد الإجتماعي و التضامني كمصدر تمويل و وسيلة تنمية إقتصادية و إجتماعية.
كما تمحورت هذه الدراسة في جزءيها الأخيرين حول الحاجة إلى إعادة صياغة التمويل الخارجي للإقتصاد التونسي و التمويل الأصغر كعامل إدماج للمهمشين.
وفي حديث الأستاذ عبد الجليل البدوي عن إشكالية تمويل الإقتصاد التونسي عاد بالتاريخ لجذور هذا الإشكال الذي يقول أنه تزامن أو بدأ مع الفترة التي تلت استقلال البلاد التونسية في منتصف خمسينات القرن الماضي عندما تحررت تونس من المستعمر الفرنسي على المستوى السياسي لكنها في المقابل واصلت استعمارها بطريقة اخرى عن طريق وضع الوصاية على الإقتصاد التونسي عبر إغراءه بالديون الميسرة من ناحية مقابل انتهاج الدولة التونسية حينها لسياسات إقتصادية خدمت مصلحة المستعمر السابق الذي تحول إلى شريك إقتصادي وسوقا للمنتجات التونسية دون مراعاة مصلحة تونس في ذلك مشيرا في هذا الصدد إلى تصدير المنتجات السقوية التي تستهلك كميات هامة من المياه رغم أن تونس معروفة بمحدودية مواردها المائية حينها و مع ذلك تم الوقوع في فخ إستنزاف الموارد المائية عبر الإستثمار في منتوجات يقع توجيهها نحو التصدير و هو ما أدى في الأخير إلى أزمة المياه التي نعيشها و ما يمكن أن تسببه من تهديد لأمننا الغذائي إلى جانب استنزاف الموارد الطاقية .
و أبرز البدوي في السياق ذاته أن ضعف الإدخار الموروث أدى إلى ضعف الإستثمار و هو ما أفرز عدم تأسيس نسيج إقتصادي قادر على إستيعاب البطالة و التهميش ذلك أنه عندما دخلت تونس مرحلة التنمية في فترة الستينات بإدخار محلي ضعيف و ضعف الإستثمار كان هناك تناقض شاسع بين متطلبات التنمية حينها و الإمكانيات الضعيفة التي كانت تفتقدها الدولة و هو ما دفعها للمرور إلى مرحلة التداين الخارجي و قد مثلت هذه المرحلة بداية المتاهة التي دخلتها تونس و التي حولت المستعمر إلى ممول عبر تقديم قروض ميسرة لكنها في الواقع كانت طريقة للهيمنة على الثروات مبينا أنه منذ حقبة السبعينات ساهم المنوال التنموي في نقل الثروات للخارج دون أن يراعي متطلبات الإقتصاد الوطني في غياب لنمط حوكمة جيد و إعتماد نمط نمو توسعي يقوم على توظيف زيادة الثروة لاستعمال أكثر لعناصر الإنتاج و ليس إستعمال مردودية الإنتاج لزيادة الثروة .
الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا
تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…