2023-10-31

أستاذ‭ ‬الإقتصاد‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬البدوي : أزمة‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لها‭ ‬جذور‭ ‬تاريخية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمنوال‭ ‬التنمية‭  ‬

يطرح‭ ‬تمويل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬إشكالية‭ ‬كبيرة‭ ‬تعود‭ ‬لأسباب‭ ‬تاريخية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الأسباب‭ ‬الراهنة‭ ‬المعلومة‭ ‬والمتعلقة‭ ‬بشح‭ ‬السيولة‭ ‬و‭ ‬نقص‭ ‬الموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬للدولةب‭, ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬أستاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬بالجامعة‭ ‬التونسية‭ ‬الدكتور‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬البدوي‭ ‬خلال‭ ‬تقديمه‭ ‬للدراسة‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬تحت‭ ‬لواء‭ ‬المنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬وقد‭ ‬تضمنت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬الأستاذ‭ ‬البدوي‭ ‬خلال‭ ‬المائدة‭ ‬المستديرة‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬المنتدى‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬بالعاصمة‭ ‬ستة‭ ‬محاور‭ ‬أو‭ ‬أجزاء‭ ‬تعلق‭ ‬المحور‭ ‬الأول‭ ‬بالبعد‭ ‬التاريخي‭ ‬والهيكلي‭ ‬لإشكالية‭ ‬تمويل‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬فيما‭ ‬طرح‭  ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬مسألة‭ ‬مساهمة‭ ‬النظام‭ ‬البنكي‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنجازات‭ ‬و‭ ‬النقائص‭ ‬و‭ ‬الآفاق‭ ‬أما‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬فيتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬تنمية‭ ‬الإدخار‭ ‬الوطني‭ ‬و‭ ‬تعبئته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تمويل‭  ‬الإستثمار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬طرح‭ ‬مسألة‭ ‬الإقتصاد‭ ‬الإجتماعي‭ ‬و‭ ‬التضامني‭ ‬كمصدر‭ ‬تمويل‭ ‬و‭ ‬وسيلة‭ ‬تنمية‭ ‬إقتصادية‭ ‬و‭ ‬إجتماعية‭.‬

كما‭ ‬تمحورت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬جزءيها‭ ‬الأخيرين‭ ‬حول‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬التمويل‭ ‬الخارجي‭ ‬للإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬و‭ ‬التمويل‭ ‬الأصغر‭ ‬كعامل‭ ‬إدماج‭ ‬للمهمشين‭.‬

وفي‭ ‬حديث‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬البدوي‭ ‬عن‭ ‬إشكالية‭ ‬تمويل‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬عاد‭ ‬بالتاريخ‭ ‬لجذور‭ ‬هذا‭ ‬الإشكال‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬أنه‭ ‬تزامن‭ ‬أو‭ ‬بدأ‭ ‬مع‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬استقلال‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬خمسينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬تحررت‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬المستعمر‭ ‬الفرنسي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬واصلت‭ ‬استعمارها‭ ‬بطريقة‭ ‬اخرى‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬وضع‭ ‬الوصاية‭ ‬على‭ ‬الإقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬عبر‭ ‬إغراءه‭ ‬بالديون‭ ‬الميسرة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬مقابل‭ ‬انتهاج‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية‭ ‬حينها‭ ‬لسياسات‭ ‬إقتصادية‭ ‬خدمت‭ ‬مصلحة‭ ‬المستعمر‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬شريك‭ ‬إقتصادي‭ ‬وسوقا‭ ‬للمنتجات‭ ‬التونسية‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬مصلحة‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مشيرا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬إلى‭ ‬تصدير‭ ‬المنتجات‭ ‬السقوية‭ ‬التي‭ ‬تستهلك‭ ‬كميات‭ ‬هامة‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬معروفة‭ ‬بمحدودية‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬حينها‭ ‬و‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬إستنزاف‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬عبر‭ ‬الإستثمار‭ ‬في‭ ‬منتوجات‭ ‬يقع‭ ‬توجيهها‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭ ‬و‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسببه‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬لأمننا‭ ‬الغذائي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬استنزاف‭ ‬الموارد‭ ‬الطاقية‭ .‬

و‭ ‬أبرز‭ ‬البدوي‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬ضعف‭ ‬الإدخار‭ ‬الموروث‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬الإستثمار‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أفرز‭ ‬عدم‭ ‬تأسيس‭ ‬نسيج‭ ‬إقتصادي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إستيعاب‭ ‬البطالة‭ ‬و‭ ‬التهميش‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬دخلت‭ ‬تونس‭ ‬مرحلة‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الستينات‭ ‬بإدخار‭ ‬محلي‭ ‬ضعيف‭ ‬و‭ ‬ضعف‭ ‬الإستثمار‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تناقض‭ ‬شاسع‭ ‬بين‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬حينها‭ ‬و‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الضعيفة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تفتقدها‭ ‬الدولة‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬دفعها‭ ‬للمرور‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التداين‭ ‬الخارجي‭ ‬و‭ ‬قد‭ ‬مثلت‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بداية‭ ‬المتاهة‭ ‬التي‭ ‬دخلتها‭ ‬تونس‭ ‬و‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬المستعمر‭ ‬إلى‭ ‬ممول‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬قروض‭ ‬ميسرة‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬كانت‭ ‬طريقة‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬الثروات‭ ‬مبينا‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬حقبة‭ ‬السبعينات‭ ‬ساهم‭ ‬المنوال‭ ‬التنموي‭ ‬في‭ ‬نقل‭ ‬الثروات‭ ‬للخارج‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يراعي‭ ‬متطلبات‭ ‬الإقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬لنمط‭ ‬حوكمة‭ ‬جيد‭ ‬و‭ ‬إعتماد‭ ‬نمط‭ ‬نمو‭ ‬توسعي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬توظيف‭  ‬زيادة‭ ‬الثروة‭ ‬لاستعمال‭ ‬أكثر‭ ‬لعناصر‭ ‬الإنتاج‭ ‬و‭ ‬ليس‭ ‬إستعمال‭ ‬مردودية‭ ‬الإنتاج‭ ‬لزيادة‭ ‬الثروة‭ .‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الدورة 38 لأيام المؤسسة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل : طرح للمستجدات الاقتصادية و كيفية التأقلم معها محليا و عالميا

تحت شعار «المؤسسة والتحولات الكبرى: التأقلم والفرص المتاحة» ستحتضن جوهرة الساحل سوسة فعالي…