غاضب وحادّ رسميا وشعبيا.. إلى أي مدى يمكن أن يصل التصعيد في الموقف التونسي..؟
استقبل وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمّار يوم الثلاثاء الفارط بطلب منه السفراء المعتمدين بتونس لكلّ من المملكة المتّحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا الدول دائمة العضويّة بمجلس الأمن للأمم المتحدة، وذلك لتحميلهم رسالة إلى عواصمهم بخصوص الموقف التونسي من التطورات الميدانيّة وضرورة التحرّك الفوري لتفادي مزيد من الانفلات وتجاوز الوضع الخطير والمأساوي في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة، وفق بلاغ للوزارة.
ويمثل هذا اللقاء مواصلة لجهود تونس في الضغط على مكونات المجتمع الدولي من أجل إيقاف نزيف الحرب والعدوان الإسرائيلي ضد أبناء غزة والذي لم يستثن الأطفال والنساء والمدنيين العزل وذلك تحت أنظار ومسامع العالم في ضرب صارخ لمضامين القوانين والاتفاقيات الدولية الحامية لحقوق الإنسان مهما كان جنسه أو عرقه أو دينه.
ولم تتوان تونس منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى وما تلاها من اعتداءات وحشية على الشعب الفلسطيني صدمت العالم عن تعبيرها عن مساندتها اللامشروطة للقضية الفلسطينية ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره مع مواصلة المد التضامني مع الشعب الفلسطيني من جهة والضغط الديبلوماسي من جهة أخرى.
ويمثل هذا اللقاء الذي جمع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والسفراء المعتمدين بتونس للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن خطوة في صلب الجهود التونسية الرامية لشحذ التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية وفي تعليقه على هذا اللقاء أكد الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي لـ«الصحافة اليوم» أن استدعاء هؤلاء السفراء للتباحث حول الأوضاع في قطاع غزة وطرح الموقف التونسي من هذا العدوان الغاشم على المدنيين العزل يعد مبادرة طيبة ومهمة وبالإمكان تعميمها في إطار شحذ التعاطف مع القضية الفلسطينية في أطر أخرى على غرار الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والعمل على استصدار مواقف شجاعة تدافع على موقف الشعب الفلسطيني وحقه في المقاومة دفاعا على أراضيه وعلى حقه في تقرير مصيره.
كما أضاف أن رئيس الجمهورية بإمكانه تحميل رسائل أخرى للعالم عن طريق عديد الوزراء وليس فقط وزير الخارجية لتسريع التمشي والضغط لحلحلة الأزمة وبلورة مبادرة جماعية للضغط على القوى الكبرى الداعمة للإسرائيليين من خلال إعلاء منطق تطبيق القانون الدولي واحترام المبادئ والحقوق الإنسانية مشيرا إلى أن تونس لا طالما كانت من دعاة تطبيق القانون الدولي والالتزام بالقرارات والنصوص الصادرة عن المنتظم الأممي وتذكير العالم بواجباته تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل الذي تنتهك حقوقه وفي مقدمتها حقه في الحياة كل يوم في ظل الحصار المفروض على غرّة وممارسة مبدإ العقاب الجماعي على أبنائها.
وعلى الرغم من أن تونس لا تتمتع بنفس الثقل الإقليمي لدول الجوار الفلسطيني فبإمكانها الضغط على عديد المستويات لحلحلة هذا الملف المعقد علما وأن بعض الدول طلبت وساطة تونس في علاقة بتداعيات الصراع الدائر اليوم على غرار إيطاليا التي طلبت من تونس التدخل في ملف الأسرى.
وبالعودة إلى لقاء وزير الشؤون الخارجية بسفراء كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وفرنسا والصين فقد استعرض الوزير مرتكزات الموقف التونسي المبدئي والثّابت والحضاري في مناصرة كلّ القضايا العادلة وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية، ودور تونس البنّاء ووجاهة رؤيتها عبر التاريخ في دعم الجهود الدوليّة الصادقة تجاه هذه القضايا.
وأفاد بلاغ صادر عن وزارة الخارجية بأنّه إزاء تصاعد العدوان الغاشم وغير المسبوق على الشعب الفلسطيني، شدّد بن عمار على ضرورة تحمّل المجتمع الدولي وخاصّة الأطراف المؤثرة لمسؤوليّاتها السياسيّة والأخلاقيّة من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار وحقن الدماء وحماية المدنيين الفلسطينيّين في غزّة مشددا على إدانة تونس الشديدة للاعتداءات الجبانة للاحتلال ولاستخدام الأسلحة الأشد فتكا في الاستهداف الممنهج للرضّع والأطفال والنساء والشيوخ، خدمة لأجندات سياسيّة، بشكل غير مبرّر تحت أيّ ذريعة، وغير مشرّف بالمرّة، وذلك في خرق صارخ لجميع المواثيق والقوانين الدولية.
وأوضح الوزير أنّ مواصلة التعامل مع الوضع الراهن بنفس منطق وأساليب ما قبل 7 أكتوبر 2023، بمعنى معالجة النتائج دون البحث في سبل التعاطي الجدّي مع الأسباب الرئيسيّة لحلقات التوتّر والعنف وعدم الاستقرار، لن يجدي نفعا، بل سيزيد من تعقيد الأوضاع وتصاعد العنف وضرب ما تبقّى من منظومة القيم الكونية المشتركة وإذكاء التعصّب والكراهيّة والتطرّف خاصّة لدى الأجيال الناشئة، بما من شأنه مفاقمة التهديدات على السلم والأمن الإقليميين والدوليّين.
ويبقى السؤال في الأخير إلى أي مدى يمكن أن يصل التصعيد في الموقف التونسي الغاضب والحاد في مستوى اللغة وعلى المستويين الرسمي والشعبي وكلنا يعلم أن لاحول ولاقوة لنا في الواقع وفي الفعل..!
نتيجة لجهود مؤسسات الدولة وتغيير مكتب المحاماة الدولي : تونس تكسب ملف البنك التونسي الفرنسي
حسم ملف البنك التونسي الفرنسي لفائدة الدولة التونسية إثر صدور قرار المركز الدولي لفض نزاعا…