كما كان متوقعا فشلت قمّة القاهرة للسلام ولم تنجح حتى في اصدار بيان ختامي يدين مجازر الجيش الصهيوني وكانت على مرمى من المجتمعين في احفل تنكريب دعا اليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجمع دول التطبيع بوكلاء الكيان الصهيوني من خلال تمثيلية ضعيفة تدلّ على عدم اهتمام الدول الكبرى ابقمّة السلامب… فالولايات المتحدة ـ مثلا ـ كانت حاضرة من خلال القائمة بأعمالها في القاهرة ولم تُدْلِ بأي كلمة في أشغال القمة بينما حضرت كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا من خلال وزراء خارجيتها…
هذا الحضور الامريكي الاوروبي ورغم تمثيليته الضعيفة فقد تمكن من إفشال قمّة القاهرة ومنع صدور بيان ختامي يدين الجرائم الصهيونية في غزة مقابل ضعف المواقف العربية والاسلامية وهي مواقف غير منسجمة وغير موحّدة وإنما هي مجرد مواقف بلا محتوى الرفع العتبب ـ كما يقال ـ حتى لا تحرجها شعوبها التي خرجت إلى شوارع الغضب رافعة مطالب وشعارات فوق طاقة حكامها المطبعين في السرّ وفي العلن والمرتبط وجودهم في الحكم بمدى خضوعهم للادارة الامريكية التي تدرك بان بعض الحكام العرب من ملوك وأمراء وأولياء عهد وأصحاب جلالة وسموّ أضعف من أن يجرؤوا ـ مثلا ـ على طرد سفراء أمريكا أو اسرائيل ولهم ـ في المقابل ـ من الاستعداد والاستبداد ما لا يمنعهم من تحريك جيوشهم ضدّ مواطنيهم ان هم تمادوا في االتطاولب على سموّهم وعلى جلالتهم وإن هم أصرّوا على طرد سفراء أمريكا واسرائيل وكل الدول المساندة لجرائم الكيان الصهيوني… بل هم غير قادرين على ممارسة الحق الادنى أو الفعل الادنى أمام حجم الجريمة الصهيونية كأن يتم تعلّيق مسارات التطبيع العربي الاسرائيلي الذي ترعاه أمريكا وتصر عليه… بل هم لم يفكروا ـ أصلا ـ في تجميد التطبيع الى حين انتهاء الجريمة الصهيونية على غزة… ومن عناوين الخذلان العربي والاسلامي أن القمة الاولى (قمة وزراء الخارجية العرب) واقمة السلامب المزعوم التي أعلنت فشلها حتى قبل انعقادها بالقاهرة لم تجرؤا على رفع ورقة النفط والغاز في وجه الجريمة الصهيونية بقطعه على اسرائيل بل ان عددا من الدول الاسلامية استمرت في ضخ النفط تجاه اسرائيل بأكثر من ستين بالمائة من إيرhداتها النفطية وتستعمله الآلة العسكرية الاسرائيلية كما هو معلوم لقصف غزة…
لقد اكتفت جلّ الدول العربية بل كلّها بالمطالبة بإدخال المساعدات الغذائية والطبية الى غزّة والتسريع بذلك وهذه ليست مواقف وإنما هي اتوسّلاتب تؤكد كم هو ذليل الموقف العربي أمام مواقف الدول الغربية التي أعلنت صراحة وقوفها بالمال والعتاد العسكري مع الكيان الاسرائيلي ودون شروط واسقطت أمريكا باستعمالها احق الفيتوب في مجلس الامن مشروعين لوقف اطلاق النار بما يعني أنها تدعم ـ وبوضوح ـ أعمال اسرائيل الارهابية والاجرامية في غزة وتشرّعها…
بيانات العرب وقممهم بيانات عار وقممهم قمم خذلان ومجرد صور توثّق لخيباتهم المتكررة.. وتدرك اسرائيل عميقا ضعف الموقف العربي… وتدرك ان العرب لن يتوحّدوا ـ أبدا ـ على موقف وأنّهم لن يجرؤوا على مواجهتها مواجهة مباشرة… ولن يجرؤوا على اسفراء اسرائيلب لديهم وأنّهم مستمرون في التطبيع بل هم مهرولون اليه تباعا… كما تدرك بأن االحكّام العربب جلالة وسمّوا ورؤساء إنما هم منشغلون اباستبداد الداخلب بمزيد من الاقفال على الحريات وعلى حقوق الانسان وبقمع كل الاصوات الحرة والتي تنادي ـ مثلا ـ بطرد سفراء اسرائيل وبتجميد التطبيع…
وما لا يدركه كثيرون ان عددا من الانظمة العربية بصدد اجراء عمليات اعتقال واسعة لنشطاء سياسيين لديهم وخاصة من شباب الجامعات ممّن قادوا مظاهرات غاضبة نادت بتجميد التطبيع وبطرد سفراء اسرائيل… وتم منع رفع العلم الفلسطيني خلال المباريات الرياضية واعتقال كل من يخالف ذلك.
نعم يحدث هذا بعدد من الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط وفي عدد من بلدان الخليج وإن حدث وخرجت في شوارعها مسيرات فإنها مسيرات مراقبة وتحت سيطرة الاجهزة الامنية…
ولا نستثني ـ هنا ـ تونس وفيها ـ بيننا ـ من يعتبر الموقف الرسمي الذي عبر عنه الرئيس قيس سعيد والمتناغم تماما مع موقف الجماهير إنما هو موقف شعبوي يزايد على الدول العربية وبأنه كان على تونس ان يكون موقفها أكثر اعتدالا وان تكتفي بارسال المساعدات الانسانية وان تخفف من حدّة الخطاب الذي يدين الجريمة الصهيونية… هذه مواقف عدد من التونسيين من مواقع وحساسيات مختلفة وبينهم أكاديميون وفنانون لم يترددوا في التصريح بهذه المواقف المذلّة لهم ولأبنائهم..
االخذلانب عنوان من عناوين هذه االأمّةب ولا نستثني أحدا ـ هنا ـ من الماء الى الصحراء طولا وعرضا… ولئن كان لهذه الحرب الاسرائيلية على غزة من امزاياب فإنها كشفت أولا الغرب الاوروبي والامريكي وكذبة حقوق الانسان والحريات والاعلام المحايد والحرّ لديهم وكشفت أيضا عمق وحجم وثقل المهانة التي نحن عليها اكعربب بلا حول وبلا قوّة زائد الخيانة والخداع…
لغزّة نساء ورجال أشدّاء على الأرض ولها ربّ يحميها…
«قرطاج المسرحية» من التأسيس إلى التأصيل إلى التحديث..!
تنعقد الدورة الخامسة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية وسط سياقات دولية ثقيلة على الضمير الان…