2023-10-19

«إسرائيل» ذلك الاستثمار الأمريكي في قلب الأمة العربية

علينا‭ ‬أن‭ ‬نعاني‭ ‬نحن‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة،‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬مازال‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نطلق‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬أمة،‭ ‬لأننا‭ ‬نعيش‭ ‬مع‭ ‬شعب‭ ‬من‭ ‬المختلين‭ ‬عقليا‭ ‬فنجاور‭ ‬كيانا‭ ‬غريب‭ ‬الأطوار‭ ‬مطاطيا‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التمدد‭ ‬والتقلص‭ ‬ولكنه‭ ‬يزداد‭ ‬تسلّحا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭.‬

إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تشتري‭ ‬سلاحا‭. ‬إنها‭ ‬تتبضع‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬للعطايا‭ ‬والهبات‭. ‬فتأخذ‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬ولا‭ ‬تدفع‭ ‬فلسا‭.‬

لم‭ ‬توجد‭ ‬إسرائيل‭ ‬لكي‭ ‬تدفع‭. ‬وجدت‭ ‬لكي‭ ‬تحصل‭ ‬لأنها‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬وليست‭ ‬بلدا‭.‬

القول‭ ‬إن‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اقررت‭ ‬شراء‭ ‬25‭ ‬طائرة‭ ‬مقاتلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬أف‭ ‬35ب،‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬مقدار‭ ‬من‭ ‬التدليس‭. ‬لأن‭ ‬الصفقة‭ ‬ليست‭ ‬صفقة‭ ‬بيع‭ ‬وشراء‭ ‬من‭ ‬الأساس‭ ‬إنها‭ ‬صفقة‭ ‬تبرعات‭ ‬يمتثل‭ ‬فيها‭ ‬المُتبرِّع‭ ‬لمطالب‭ ‬المُتبَرَع‭ ‬له،‭ ‬ويشكره‭ ‬لأنه‭ ‬مدين‭ ‬له‭ ‬بالشكر‭ ‬بسبب‭ ‬الخدمات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬يؤديها‭.‬

إسرائيل‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬مساعدات‭ ‬سنوية‭ ‬تبلغ‭ ‬نحو‭ ‬3.5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الصفقة‭ ‬مجانية‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفعلية،‭ ‬وهناك‭ ‬فوقها‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أخرى،‭ ‬عدا‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬التبرعات‭ ‬التي‭ ‬تتلقاها‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬لها‭ ‬تسهيلات‭ ‬تجارية‭ ‬سخية‭ ‬للغاية،‭ ‬تجعل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬خارج‭ ‬امعايير‭ ‬السوقب‭ ‬لأنها‭ ‬بالأساس‭ ‬كيان‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬معاييره‭ ‬االسوقية‭ ‬ولا‭ ‬الأخلاقية‭ ‬ولا‭ ‬القانونية‭.‬

القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬ممولة‭ ‬بالكامل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المساعدات‭ ‬المجانية‭ ‬الغربية‭. ‬وهي‭ ‬تستهدف‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬تفوق‭ ‬إسرائيل‭ ‬النوعي،‭ ‬حيال‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬الأخرى‭ ‬مجتمعة‭.‬

ومنذ‭ ‬انطلاق‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬سارع‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الى‭ ‬مهاتفة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن،‭ ‬فكانت‭ ‬نتيجة‭ ‬المهاتفة‭ ‬التزام‭ ‬امريكي‭ ‬لا‭ ‬متناه‭ ‬بتوفير‭ ‬العتاد‭ ‬والجنود،‭ ‬وتحركت‭ ‬البارجة‭ ‬الحربية‭ ‬الى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تنتهي‭ ‬المكالمة‭.‬

لماذا؟‭ ‬لأنها‭ ‬تخاف‭ ‬من‭ ‬الجميع‭. ‬تشعر‭ ‬أنها‭ ‬جسم‭ ‬غريب‭ ‬مثل‭ ‬شوكة‭ ‬تنغرس‭ ‬تحت‭ ‬الجلد‭ ‬فتصبح‭ ‬دُمّلا‭.‬

وهناك‭ ‬برنامج‭ ‬مساعدات‭ ‬دوري‭ ‬اكجزء‭ ‬من‭ ‬التزام‭ ‬طويل‭ ‬الأمدب‭ ‬لإمداد‭ ‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬عسكرية‭ ‬دفاعية‭ ‬وهجومية‭. ‬وخلال‭ ‬أحدث‭ ‬ادوراتب‭ ‬المعونات،‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬أقرّ‭ ‬برنامجا‭ ‬تحصل‭ ‬إسرائيل‭ ‬بموجبه‭ ‬على‭ ‬حزمة‭ ‬منح‭ ‬تبلغ‭ ‬38‭ ‬مليارا‭ ‬بين‭ ‬2017‭ ‬و2028‭.‬

وسارعت‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وكندا‭ ‬الى‭ ‬توفير‭ ‬المساعدات‭ ‬المالية‭ ‬واللوجستية‭ ‬والعسكرية‭ ‬بعد‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭.‬

وكانت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بين‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تتلقى‭ ‬طائرات‭ ‬أف‭ ‬35‭ ‬حيث‭ ‬تسلمت‭ ‬الأولى‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬جويلية‭ ‬2016‭. ‬سبقت‭ ‬بذلك‭ ‬دولا‭ ‬في‭ ‬الحلف‭ ‬الأطلسي‭. ‬لأنها‭ ‬هي‭ ‬الحلف‭ ‬الأهم؛‭ ‬حلف‭ ‬القاعدة‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬دورها‭ ‬الأمني،‭ ‬تحت‭ ‬ستار‭ ‬أنها‭ ‬ادولةب‭.‬

لم‭ ‬تنشأ‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬كدولة‭ ‬على‭ ‬توازنات‭ ‬بين‭ ‬إمكانيات‭ ‬وموارد‭. ‬الإمكانيات‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬والموارد‭ ‬تبرعات‭. ‬والقليل‭ ‬مما‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تصنعه‭ ‬تبيعه‭ ‬بأسعار‭ ‬مضاعفة،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لاختلاق‭ ‬موارد‭ ‬وإنتاج‭ ‬خدعة‭ ‬إمكانيات‭.‬

قالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إنها‭ ‬ااشترتب‭ ‬تلك‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬مارتن‭ ‬لوكهيد‭ ‬الأمريكية‭. ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬ثمن‭ ‬الصفقة‭. ‬كما‭ ‬ظل‭ ‬يفعل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬صفقة‭. ‬لأن‭ ‬القاعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬قاعدته‭ ‬أصلا‭.‬

منذ‭ ‬أن‭ ‬تأسست‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنفقت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عليها‭ ‬نحو‭ ‬400‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬سيناتورا‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1986‭ ‬القد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لكي‭ ‬نكف‭ ‬عن‭ ‬الاعتذار‭ ‬لأننا‭ ‬نقدم‭ ‬مساعدات‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬لأنها‭ ‬أفضل‭ ‬استثمار‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬تخيلوا‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننفق‭ ‬لو‭ ‬أننا‭ ‬أنشأنا‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقةب‭.‬

وفقا‭ ‬لهذه‭ ‬المقاربة،‭ ‬الصادقة‭ ‬والمخلصة‭ ‬مع‭ ‬النفس،‭ ‬فإن‭ ‬فكرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬كـادولةب‭ ‬قد‭ ‬تصلح‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬للنقاش‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ااستثمارب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬ولقد‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬استثمار‭ ‬مربح‭.‬

كل‭ ‬حاجات‭ ‬المنطقة‭ ‬للسلاح،‭ ‬وكل‭ ‬عثراتها‭ ‬في‭ ‬التنمية،‭ ‬وكل‭ ‬حروبها‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬نزاعات‭ ‬وتقلبات‭ ‬وصراعات‭ ‬سياسية‭ ‬وسفك‭ ‬للدماء،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬التقدم،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬االاستثمارب‭ ‬في‭ ‬مركزه‭ ‬تماما‭.‬

تخادعنا‭ ‬إسرائيل‭ ‬فتدعو‭ ‬إلى‭ ‬االتطبيعب‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬عليه‭. ‬فلما‭ ‬قبل‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الخداع،‭ ‬خافتْ‭. ‬حاول‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬يقنعها‭ ‬بأننا‭ ‬نستطيع‭ ‬التعايش‭ ‬معها‭ ‬إذا‭ ‬أرادت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دولة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تعرقل‭ ‬الدعوة‭. ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تنضج‭ ‬بعد‭ ‬لتكون‭ ‬دولة‭.‬

الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬تدفع‭ ‬الثمن‭ ‬لأننا‭ ‬كمن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬حي،‭ ‬يوجد‭ ‬فيه‭ ‬مجنون‭ ‬مدجج‭ ‬بالسلاح‭. ‬يطلق‭ ‬النار‭ ‬على‭ ‬المارة،‭ ‬ويعتدي‭ ‬على‭ ‬جيرانه،‭ ‬ويقتل‭ ‬ويهجّر‭ ‬ويروّع،‭ ‬ويقول‭ ‬اأحبونيب،‭ ‬اطبّعوا‭ ‬مع‭ ‬جنونيب‭ ‬ويعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬ادولةب‭.‬

الإسرائيليون‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أين‭ ‬تبدأ‭ ‬وأين‭ ‬تنتهي‭ ‬حدود‭ ‬ابلادهمب‭. ‬تلك‭ ‬الحدود‭ ‬ما‭ ‬تزال،‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬القرن‭ ‬موضع‭ ‬نقاش‭ ‬وجدل،‭ ‬ليس‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬أنفسهم‭ ‬أيضا‭. ‬خلائط‭ ‬تلمودية،‭ ‬على‭ ‬لخبطة‭ ‬إيديولوجية‭ ‬على‭ ‬اأمر‭ ‬واقعب‭ ‬تصنعه‭ ‬القوة،‭ ‬تجعل‭ ‬قذائف‭ ‬الدبابات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ترسم‭ ‬خارطة‭ ‬الحدود‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭. ‬بالتأكيد،‭ ‬ليس‭ ‬للقانون‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬بالأمر‭. ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬القانون‭. ‬وأنت‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬المنطق،‭ ‬أو‭ ‬القبول‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬الأعراف‭ ‬أو‭ ‬القيم،‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬مختل‭ ‬عقليا‭. ‬ستكون‭ ‬أنت‭ ‬نفسك‭ ‬بلا‭ ‬منطق‭.‬

الإسرائيليون‭ ‬يحاولون‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬ابلادهمب‭. ‬يحاولون‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬غرائبها‭. ‬تذهب‭ ‬الدبابات‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬النيل،‭ ‬فتصبح‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬أكبر‭. ‬تنهزم،‭ ‬فتصغر‭. ‬تصعد‭ ‬إلى‭ ‬الجولان،‭ ‬فتصبح‭ ‬لها‭ ‬حدود‭ ‬أخرى‭. ‬تبني‭ ‬مستوطنات‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فتتغير‭ ‬الخارطة‭. ‬وصلت‭ ‬حدودها‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬الليطاني‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭. ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬بيروت‭. ‬تقصف‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬ليلا‭ ‬نهار،‭ ‬المدنيين‭ ‬السجناء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولم‭ ‬تقدر‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬الان‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬صواريخ‭ ‬المقاومة‭ ‬على‭ ‬البلدات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ولا‭ ‬تصفيتها‭. ‬فشعرت‭ ‬الدولة‭ ‬أنها،‭ ‬ككيان‭ ‬مطاطي،‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مكان،‭ ‬فتستولي‭ ‬عليه‭ ‬ثم‭ ‬تتوافق‭ ‬اللخبطة‭ ‬مع‭ ‬الخلائط،‭ ‬فتصبح‭ ‬إسرائيل‭ ‬دولة‭ ‬تتغير‭ ‬مقاييسها‭ ‬احسب‭ ‬ظروف‭ ‬المرحلةب‭.‬

إنها‭ ‬االدولةب‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬حدودها‭ ‬بهذا‭ ‬المقدار‭ ‬من‭ ‬االمرونةب‭.‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬معسكر‭ ‬الدبابات‭ ‬لديهم‭ ‬عناوين‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬البريد‭ ‬إليها‭. ‬ولديهم‭ ‬جيران‭. ‬ويتزوجون‭ ‬من‭ ‬بعضهم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬االمرونةب‭. ‬وعندما‭ ‬تتغير‭ ‬اظروف‭ ‬المرحلةب،‭ ‬فإن‭ ‬رسائل‭ ‬البريد‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تصل‭. ‬ليبدو‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬هناك‭ ‬افتراضيا‭ ‬ومؤقتا‭. ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬متى‭ ‬تصبح‭ ‬دولة‭.‬

ويكفي‭ ‬هنا‭ ‬ان‭ ‬تنظر‭ ‬الى‭ ‬عدد‭ ‬المغادرين‭ ‬لاسرائيل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬والى‭ ‬مدن‭ ‬الغلاف‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬الى‭ ‬مدن‭ ‬اشباح،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬الجنسية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لا‭ ‬تلغي‭ ‬الجنسيات‭ ‬الاصلية‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬تحت‭ ‬الطلب‭ ‬وتظهر‭ ‬كلما‭ ‬اندلعت‭ ‬الحرب‭ ‬او‭ ‬اسرت‭ ‬المقاومة‭ ‬جنودا‭ ‬إسرائيليين‭.‬

الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬تحاول‭ ‬إقناعها‭ ‬بأن‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬احل‭ ‬الدولتينب‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬نفسها‭. ‬لأنه‭ ‬يحل‭ ‬لها‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬الهوية‭ ‬والتعريف‭ ‬والخرائط‭ ‬والمعنى‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اللخبطة‭ ‬والخلائط‭ ‬تجعلها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬ذهنية‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لدولة‭ ‬أن‭ ‬عانت‭ ‬منها‭. ‬وأحد‭ ‬أهم‭ ‬عوامل‭ ‬الفوضى‭ ‬هو‭ ‬أنها‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬اعتقاد‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬قذائف‭ ‬الدبابات‭ ‬وقنابل‭ ‬الطائرات‭ ‬والصواريخ‭ ‬التي‭ ‬تتساقط‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬ترسم‭ ‬الحدود‭.‬

عليك‭ ‬أن‭ ‬تعاني‭ ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬لأنك‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬شعب‭ ‬من‭ ‬المختلين‭ ‬عقليا،‭ ‬فتجاور‭ ‬كيانا‭ ‬غريب‭ ‬الأطوار،‭ ‬مطاطيا‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التمدد‭ ‬والتقلص،‭ ‬ولكنه‭ ‬يزداد‭ ‬تسلحا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭. ‬وتذهب‭ ‬به‭ ‬الجرأة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬القول‭ ‬إنه‭ ‬ااشترىب‭ ‬طائرات‭ ‬جديدة‭. ‬ااشتراهاب‭ ‬ليدافع‭ ‬عن‭ ‬وجوده‭ ‬ولأجل‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬الجنون‭ ‬اعتقادا‭ ‬بأن‭ ‬الحدود‭ ‬ووسائل‭ ‬العيش‭ ‬ومعايير‭ ‬التطبيع‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬وعناوين‭ ‬البريد‭ ‬تعتمد‭ ‬كلها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ترسمه‭ ‬االمرونةب‭ ‬حسب‭ ‬ظروف‭ ‬المرحلة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

للقطع مع ممارسات الماضي ومؤسساته : تونس ورؤية الهدم وإعادة البناء

تواجه تونس اليوم خياراً استراتيجياً في مسارها التنموي يتمثل في كيفية إعادة بناء الدولة وتح…