الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر : تفاؤل مشروع قد يصطدم بصعوبات مالية للتنفيذ
بدت الملامح والتوجهات الكبرى للاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر في أفق سنة 2050 ، تتوضح من حيث الخطوط العريضة الهادفة إلى تحقيق نتائج معتبرة للتقليص من حدة الطلب المتزايد على المحروقات والحد من كلفتها الباهظة ، سيما في مجالات الكهرباء والنقل والقطاع الصناعي .
وتسعى تونس للاستفادة من الميزات المتوفرة لديها لتنمية الهيدروجين الأخضر من خلال تنوع الموارد الطبيعية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والموقع الاستراتيجي القريب من القارة الاوروبية في تطوير الهيدروجين الأخضر وتصديره سيما مع توفر أنبوب الغاز الذي يمر بالبلاد التونسية الى الجانب الإيطالي .
وترتكز الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر على أربعة أسس وهي العمل على التوصل إلى انتاج ما يقارب 8.3 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في أفق سنة 2050 وتطوير البنية التحتية الطاقية وتعزيز استخدامات هذا الانتاج في مختلف القطاعات الصناعية فضلا عن إنتاج الأسمدة الخضراء وتطوير تعزيز استخداماته في قطاع النقل وإنتاج الكهرباء .
ويعد الهيدروجين الأخضر عنصرا هاما للطاقة النظيفة المنتجة من الطاقات المتجددة ويساهم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والانتقال إلى اقتصاد أخضر منخفض للكربون إلى جانب طبيعة الاستدامة ، ذلك أنه لا تنبعث منه غازات ملوثة سواء أثناء الاحتراق أوأثناء الإنتاج وهو قابل للتخزين مما يسمح باستخدامه لاحقًا لأغراض أخرى وفي أوقات أخرى غير مباشرة بعد إنتاجه ويتميز الهيدروجين الأخضر بتعدد الاستخدامات إذ يمكن تحويله إلى كهرباء أو غاز اصطناعي واستخدامه للأغراض المنزلية أو التجارية أو الصناعية أو التنقل باستخدام السيارات المعدة لذلك .
ومع تشكل السوق العالمية للهيدروجين الأخضر خلال السنوات الأخيرة شرعت تونس مع بداية سنة 2022 في إعداد استراتيجيتها الوطنية الخاصة بالهيدروجين الأخضر والتي من المفترض أن ترى النور بحلول سنة 2024 وتهدف من خلالها إلى تنويع استخدامات الطاقة وتصديرها فيما بعد سيما في ظل المساندة التقنية والبحثية من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي بإعتبار الرهانات الكبيرة التي أصبحت عليها هذه السوق الطاقية في العالم والتي تأخذ في التوسع من سنة إلى أخرى وتتنوع معها الإنتاجية الصناعية في ما يتعلق بالسيارات وغيرها .
وفي مقابل هذا التوجه ، ثمة مخاوف من تبعات انتاج الهيدروجين الأخضر سيما في ما يتعلق بكلفته الباهظة ونقص البنية التحتية للكهرباء وتوزيعه ، إذا يرى بعض خبراء الطاقة اليوم أن هذا الإنتاج واسع النطاق في العالم يتطلب لأجل تنفيذه في تونس اعتمادات مالية ضخمة لإنشاء مشروعات عملاقة لطاقة الرياح والطاقة الشمسية واستغلال هذه الموارد بأكبر ما يمكن من جهود .
وتتجه المخاوف أساسا مع توسع هذه السوق الناشئة نحو استنزاف بعض الموارد الطبيعية المستعملة على غرار المياه وهي ثروة مهددة في عديد البلدان المهددة بشح المياه وتأثيرات تغير المناخ وتونس ليست بمعزل عن ذلك . كما أن مخاطر السلامة في هذا الحقل الإنتاجي تتطلب موارد لوجستية ومالية ضخمة لتخزينه مقارنة بباقي أنواع الإنتاج الطاقي .
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…