2023-10-11

جلسة العدالة الانتقالية تنظر في مجموعة من ملفات الانتهاكات تعرض لها أمنيون فترة حكم بن علي

نظرت‭  ‬أمس‭ ‬الثلاثاء‭ ‬10‭ ‬اكتوبر‭ ‬2023‭ ‬هيئة‭ ‬الدائرة‭ ‬الجنائية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬جلسة‭ ‬العدالة‭ ‬الإنتقالية‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتونس‭ ‬في‭ ‬ملفّ‭ ‬القضيّة‭ ‬عدد‭ ‬22‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بمجموعة‭ ‬الانقاذ‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬إيقاف‭ ‬82‭ ‬فردا‭ ‬من‭ ‬أمنيين‭ ‬وعسكريّين‭ ‬ومدنيّين‭ ‬اتّهموا‭ ‬بمحاولة‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬،وقد‭ ‬تعرّضوا‭ ‬وفق‭ ‬ملف‭ ‬القضية‭ ‬الى‭ ‬انتهاكات‭ ‬جسيمة‭.‬

وقد‭ ‬قررت‭ ‬الدائرة‭ ‬تأجيل‭ ‬المحاكمة‭ ‬لاستكمال‭ ‬النصاب‭ ‬القانوني‭ ‬للهيئة‭ ‬أثر‭ ‬التحاق‭ ‬بعض‭ ‬اعضائها‭ ‬للعمل‭ ‬بمحاكم‭ ‬أخرى‭ ‬أثر‭ ‬الحركة‭ ‬القضائية‭ ‬الأخيرة‭.‬

وبالسّماع‭ ‬لشهادة‭ ‬محمد‭ ‬الهادي‭ ‬الهمّامي‭ ‬خلال‭ ‬الجلسة‭ ‬السابقة‭  ‬أفاد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬ضابط‭ ‬شرطة‭ ‬بالإستعلامات‭ ‬العامة‭ ‬التابعة‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصّة‭ ‬ومقرها‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬وكان‭ ‬مكلفا‭ ‬بالشؤون‭ ‬الدينية‭ ‬بكامل‭ ‬تراب‭ ‬الجمهورية‭.‬

وقد‭ ‬ذكر‭ ‬أنّه‭ ‬تمّ‭ ‬إيقافه‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬نوفمبر‭ ‬1987‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يباشر‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬المذكور‭ ‬واقتيد‭ ‬إلى‭ ‬مصلحة‭ ‬أمن‭ ‬الدّولة‭ ‬واتّهم‭ ‬بكونه‭ ‬قام‭ ‬بإعطاء‭ ‬معلومات‭ ‬إلى‭ ‬المدعو‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬غريس‭ ‬الضابط‭ ‬بالإستعلامات‭ ‬المكلّف‭ ‬بالخزينة‭ ‬والّذي‭ ‬بدوره‭ ‬متّهم‭ ‬بكونه‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬مجموعة‭ ‬الإنقاذ‭ ‬مضيفا‭ ‬أنّ‭ ‬حقيقة‭ ‬تلك‭ ‬الحملة‭ ‬والّتي‭ ‬شملته‭ ‬مردّها‭ ‬أنّه‭ ‬ومنذ‭ ‬سنة‭ ‬1984‭ ‬بدأ‭ ‬صراع‭ ‬حول‭ ‬خلافة‭ ‬المرحوم‭ ‬الحبيب‭ ‬بورقيبة‭ ‬بين‭ ‬الأجنحة‭ ‬المختلفة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬وكان‭ ‬يعتبر‭ ‬المنتمون‭ ‬إلى‭ ‬التّيار‭ ‬الإسلامي‭ ‬وخاصّة‭ ‬حركة‭ ‬الإتجاه‭ ‬الإسلامي‭ ‬أحد‭ ‬أجنحة‭ ‬ذلك‭ ‬الصراع‭ ‬خاصّة‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تشهده‭ ‬السّاحة‭ ‬الطلاّبية‭ ‬بإسلاميّيها‭ ‬ويساريّيها‭ ‬من‭ ‬نشاط‭ ‬وتهييج‭ ‬للشّارع‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬أنّه‭ ‬كلّ‭ ‬نفر‭ ‬تعرف‭ ‬عنه‭ ‬شبهة‭ ‬التّديّن‭ ‬يتمّ‭ ‬استهدافه‭ ‬وكان‭ ‬المجيب‭ ‬وكذلك‭ ‬زميله‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬غريس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التّاريخ‭ ‬يؤدّيان‭ ‬واجب‭ ‬الصّلاة‭ ‬وكانت‭ ‬توجد‭ ‬داخل‭ ‬مقرّ‭ ‬الإستعلامات‭ ‬غرفة‭ ‬لأداء‭ ‬الصّلاة‭ ‬هيّأتها‭ ‬الإدارة‭ ‬نفسها‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الأساس‭ ‬يعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬قضيّة‭ ‬مجموعة‭ ‬الإنقاذ‭ ‬هي‭ ‬قضيّة‭ ‬مركّبة‭ ‬باعتبار‭ ‬أنّه‭ ‬كان‭ ‬هنالك‭ ‬تحضيرا‭ ‬للإنقلاب‭ ‬إلاّ‭ ‬أنّه‭ ‬تمّ‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬واقعة‭ ‬07‭ ‬نوفمبر‭ ‬ووصول‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬للسّلطة‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬من‭ ‬إلغاء‭ ‬العملية‭ ‬والرّجوع‭ ‬عنها‭.‬

واكد‭ ‬الشاكي‭ ‬أنّه‭ ‬تعرّض‭ ‬للتعذيب‭ ‬من‭ ‬الضرب‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬الدّجاجة‭ ‬والإهانة‭ ‬ونعته‭ ‬بالخيانة‭ ‬ملاحظا‭ ‬أنّ‭ ‬أعمال‭ ‬التّعذيب‭ ‬خفّت‭ ‬بعد‭ ‬قتل‭ ‬الرّائد‭ ‬المنصوري‭ ‬تحت‭ ‬التّعذيب‭ ‬كما‭ ‬لاحظ‭ ‬أنّه‭ ‬باعتباره‭ ‬موظّفا‭ ‬بوزارة‭ ‬الدّاخلية‭ ‬وبمصلحة‭ ‬الإستعلامات‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المقر‭ ‬الّذي‭ ‬يضمّ‭ ‬مصلحة‭ ‬أمن‭ ‬الدّولة‭ ‬فإنّه‭ ‬تمّ‭ ‬انتداب‭ ‬معذّبين‭ ‬غير‭ ‬المعتدين‭ ‬لا‭ ‬يعرفهم‭ ‬ولم‭ ‬يتوصّل‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬الآن‭ ‬لمعرفة‭ ‬هويّتهم‭.‬

كما‭ ‬أضاف‭ ‬أنّه‭ ‬مكث‭ ‬بمقرّ‭ ‬أمن‭ ‬الدّولة‭ ‬حوالي‭ ‬شهر‭ ‬ونصف‭ ‬أحيل‭ ‬بعدها‭ ‬على‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬عبّان‭ ‬حاكم‭ ‬التّحقيق‭ ‬العسكري‭ ‬الّذي‭ ‬أفاد‭ ‬أنّه‭ ‬كان‭ ‬يهدّده‭ ‬بإرجاعه‭ ‬إلى‭ ‬أمن‭ ‬الدّولة‭ ‬إذا‭ ‬تراجع‭ ‬عن‭ ‬التّصريحات‭ ‬المدوّنة‭ ‬في‭ ‬محضره‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬بطاقة‭ ‬إيداع‭ ‬بالسّجن،

مفيدا‭ ‬بأنّ‭ ‬بوصوله‭ ‬لسجن‭ ‬9‭ ‬أفريل‭ ‬بدأت‭ ‬معاناة‭ ‬جديدة،‭ ‬يذكر‭ ‬أنّ‭ ‬المجموعة‭ ‬خصّص‭ ‬لها‭ ‬جناح‭ ‬زدس‭ ‬والّذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬غرف‭ ‬يتمّ‭ ‬حشر‭ ‬الموقوفين‭ ‬بكلّ‭ ‬غرفة‭ ‬ضعف‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابها‭ ‬وكانوا‭ ‬يمنعوننا‭ ‬من‭ ‬التّحدّث‭ ‬إلى‭ ‬مساجين‭ ‬الحقّ‭ ‬العام‭ ‬كحرمانهم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الحقوق‭ ‬والتّضييق‭ ‬على‭ ‬أهاليهم‭ ‬وزوجاتهم‭ ‬عند‭ ‬الزّيارة‭ ‬والتّهديد‭ ‬بالزجّ‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬السّيلون،‭ ‬موضحا‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬استمرّ‭ ‬لحوالي‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خاض‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المجموعة‭ ‬إضراب‭ ‬جوع‭ ‬لمدّة‭ ‬12‭ ‬يوما‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ممتنعين‭ ‬عن‭ ‬الأكل‭ ‬عدا‭ ‬قطعة‭ ‬سكر‭ ‬وكأس‭ ‬ماء‭ ‬عند‭ ‬الإفطار‭ ‬ووقت‭ ‬السّحور‭.‬

وأمام‭ ‬ذلك‭ ‬الضّغط‭ ‬بدأت‭ ‬الأمور‭ ‬تتحسّن‭ ‬شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الدكتور‭ ‬المنصف‭ ‬بن‭ ‬سالم‭ ‬ممثّلا‭ ‬عن‭ ‬الضّحايا‭ ‬وأحمد‭ ‬الكتاري‭ ‬المديرالعام‭ ‬للسّجون‭ ‬ممثّلا‭ ‬عن‭ ‬الرّئيس‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬والّتي‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬المجيب‭ ‬وبقية‭ ‬عناصر‭ ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬دفعات‭ ‬وتمّ‭ ‬حفظ‭ ‬القضيّة‭ ‬في‭ ‬شأنهم‭ ‬ذاكر‭ ‬أنّه‭ ‬تمّ‭ ‬عزله‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬بمقتضى‭ ‬العفو‭ ‬الرئاسي‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬والّذي‭ ‬تضمّن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬فصوله‭ ‬عدم‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬ولا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بالتعويض‭ ‬مبينا‭ ‬أنّه‭ ‬تمّ‭ ‬إيقافه‭ ‬ليلة‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1990‭ ‬ونقل‭ ‬إلى‭ ‬ثكنة‭ ‬بوشوشة‭ ‬أين‭ ‬تعرّض‭ ‬إلى‭ ‬التّعذيب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬محمود‭ ‬الجوّادي‭ ‬وأودع‭ ‬خلالها‭ ‬بالسيلون‭ ‬لمدّة‭ ‬33‭ ‬يوما‭ ‬وهي‭ ‬غرفة‭ ‬مضيّقة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬التّمدّد‭ ‬بداخلها‭ ‬ولم‭ ‬توجّه‭ ‬له‭ ‬أيّ‭ ‬تهمة،‭ ‬نقل‭ ‬على‭ ‬إثرها‭ ‬إلى‭ ‬مقرّ‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬أين‭ ‬تمّت‭ ‬محاولة‭ ‬استيقاء‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬منه‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭.‬

ثمّ‭ ‬وقع‭ ‬إطلاق‭ ‬سراحه‭ ‬كما‭ ‬قضى‭ ‬حوالي‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬خضع‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬المراقبة‭ ‬الإدارية‭ ‬اليومية‭ ‬مرّة‭ ‬واحدة‭ ‬ترافقت‭ ‬مع‭ ‬إغرائه‭ ‬للعمل‭ ‬كمرشد‭ ‬للأمن‭ ‬كما‭ ‬أنّه‭ ‬وأفراد‭ ‬عائلته‭ ‬تعرّضوا‭ ‬إلى‭ ‬المضايقة‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬الرّزق‭ ‬ما‭ ‬اضطره‭ ‬إلى‭ ‬الإنتصاب‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬لبيع‭ ‬الأدوات‭ ‬المختلفة‭ …..‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

محاكمة رجل الأعمال ورئيس الملعب التونسي سابقا جلال بن عيسى

نظرت ظهر  أمس الخميس 21 نوفمبر  2024 هيئة الدائرة الجنائية المختصة في النظر في قضايا الفسا…