بعد العملية الجريئة في فلسطين المحتلة : المنطقة مقبلة على متغيّرات كبرى وعلى تونس أن تتهيّأ..!
عاش العالم صباح أمس السبت على وقع عملية فدائية جريئة داخل فلسطين المحتلة، هزّت معنويات العدو وخلخلت أساسات وثوابت عدّة بدأت تترسّخ منذ عقود. العملية النوعية الشجاعة والجريئة، كما أعادت خلط الأوراق ميدانيا وسددت لجيش الاحتلال ضربة في صميم معنوياته ومرّغت كبرياءه في تراب غزة وغلافها والبلدات المجاورة لها، فستعيد أيضا خلط الأوراق السياسية اقليميا ودوليا، وستكون لها تداعيات على جميع الصُّـعُد والمسارات، خاصة مسار عملية السلام التي تتراوح بين الفلسطينيين والاسرائيليين، او عملية التطبيع التي انطلقت بين الاسرائيليين وبعض الدول العربية.
المؤكد ان العدو لن يسكت ولن يمرر هذه الضربة القوية بسلام، وستعرب آلته العسكرية في المنطقة، وقد يمتد الحريق الى ما بعد غزة، وقد يطال دولا أخرى في المنطقة وحتى أبعد من المنطقة، ثأرا لكبريائه الممرغة في الوحل، وهذا لن يكون جولة سياحية لجيشه الذي كان ا لا يُقهرب سابقا، بل ستكون نتائجه وخيمة عليه وعلى الجميع.
فالسلاح الذي كان تقليديا وكلاسيكيا في الحروب السابقة لم يعد كذلك، والصواريخ والمسيّرات، باتت سلاحا بيد الجميع، ولن تمر عربدته مرور الكرام.
هذه الحرب المنتظرة ستنعكس على المنطقة والعالم، وتونس جزء من المنطقة والعالم، وهنا وجب التحضّر والاحتياط، من كل الاحتمالات بما فيها غير المتوقعة بالمرة، لأن الحرب القادمة، والتي اندلعت شرارتها صباح الامس السبت، لن تستثني أحدا في الاقليم والمنطقة، وستكون عواقبها وخيمة على الجميع.
تونس لن تكون بمنأى عن أي صدام واسع النطاق في الايام القادمة، ليس على المستوى العسكري، باعتبار البعد الجغرافي وعدم وجود تماسّ مباشر، ولكن على جميع باقي المستويات، سواء على المستوى الشعبي الذي يتأثر مباشرة في الشارع التونسي، بكل نصر وبأي هزيمة، وهذا ليس تعبيرا بل حقيقة وقعت في كل الحروب السابقة بين العرب واسرائيل، وكانت انعكاساتها مباشرة على الشارع التونسي، رغم ندرة وسائل الاعلام والاتصال ساعتها.
أما التأثير الكبير فسيكون اقتصاديا، باعتبار أن أي حرب تشتعل في المنطقة ستنعكس مباشرة على النفط والغاز والطاقة بصفة عامة، التي ستشتعل أسعارها، أكثر مرات ومرات مما هي مشتعلة في الوقت الحاضر، كما سينعكس أيضا على مرور السلع والبضائع في المنطقة التي تحتوي أغلب مضائق ومعابر العالم تقريبا، وهذا يؤثر بلا شك بشكل مباشر وقوي على أسعار باقي السلع والخدمات وأسعار النقل والتأمين والعملة، وكل المرافق الحياتية التي يحتاجها اي بلد ليعيش.
وباعتبار الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر بها بلادنا، فان الاحتياط ضروري وضروري جدا، ولا بد من الابتعاد قدر الامكان عن مقولات ان الحرب بعيدة وما دخلنا نحن في حروب الشرق الاوسط وغيرها، فتلك كلمات تنم عن عدم فهم لطبيعة التحولات العالمية، التي أضحى بموجبها العالم أشبه بقرية، تتأثر جميعها بأصغر حادث فيها، وهذا ما حدث مؤخرا مع اندلاع حرب أوكرانيا، التي تبعد عنا الآلاف من الاميال، فكيف لا نتأثر بحرب يُسمع دوي مدافعها هنا لو اندلعت؟
في المستوى السياسي وخاصة على نطاق دول المنطقة، والحسابات والبرامج والمشاريع والخطط التي كانت تُرسم للشرق الاوسط، ونظريات التعايش فيه، وما خُطط له منذ عشرات السنين في مراكز الابحاث الامريكية والدولية، فالحرب القادمة اذا اندلعت ستعيد مراجعته بالكامل، وستفرز واقعا جيوسياسيا جديدا على تونس ان تكون متحضّرة جيدا للتعايش مع نتائجه ومع استحقاقاته الجديدة، لان المنطقة بعد الحرب لن تكون كمثل ما قبلها ابدا.
وعلى القيادة السياسية في تونس ان تعي جيدا صعوبة الفترة القادمة، ومخاطر انزلاق الامور الى حرب شاملة لن ينجو من نيرانها أحد، وعليها ان تتصرف وفق هذا التحسّب وعلى أساس ان الأسوأ يمكن ان يحصل، وبناء عليه تعد خططها وتأخذ احتياطاتها.
مهرجان السينما المتوسطية بشنني «الأرض أنا، الفيلم أنا.. إنا باقون على العهد»: تطور كبير وحضور مؤثّر وفاعل للمخرج السوري سموءل سخية
استطاع المدير الفني لمهرجان السينما المتوسطية بشنني في الدورة 19 المخرج السوري سموءل سخية …