بين تونس وفلسطين : أهمّ من مذكرة تفاهم..!
لا تمثل فلسطين لدى تونس الرسمية والشعبية مجرد قضية عادلة او حق انساني بل هي البوصلة التي اختارها التونسيون وآمنوا بها وعاهدوا انفسهم على مرّ العقود وحتى قبل نيل استقلالهم الوطني ان يظلوا اوفياء ومخلصين لها ولهذا الشعب الأبيّ الذي يخوض كل يوم صراع وجود وصراع حق إنساني نيابة عن العرب وعن بني البشر.
هذه الأيام حضرت فلسطين بقوة في الخطاب الرسمي في مستوى رئاسة الجمهورية وفي المحافل الإقليمية والدولية على غرار خطاب وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أين استحضر ثوابت الموقف التونسي وضرورة ان ينصف العالم الشعب الفلسطيني الذي يتعرض في هذه الفترة الى أبشع أنواع الاضطهاد على أيدي الكيان الصهيوني.
كذلك الأمر بالنسبة الى عديد الوزراء في الحكومة الحالية الذين خصصوا في كلماتهم وفي انشطتهم في الداخل والخارج حيزا هاما لإبراز القضية والحق الفلسطيني.
وبدوره لم يتخلف المجتمع المدني والسياسي عن مواصلة التمسك بالبوصلة واتخاذ المواقف المساندة للشعب الفلسطيني والمستنكرة للصلف الصهيوني ويكفي الرجوع مثلا الى البيانات الاخيرة لحزب العمال على سبيل المثال والتيار الشعبي والحزب الاشتراكي وغيرها للوقوف على حقيقة ان فلسطين نقطة قارة على جدول اعمال الساسة في بلادنا رسميين او غير رسميين.
وحتى المنظمات المدنية والنقابات المهنية فهي ايضا لم تتخل عن دورها غير ان المطلوب أكثر من المنجز خصوصا وان لبعض جمعياتنا ونقاباتنا مكانة اعتبارية مهمة في الشبكات الدولية للمنظمات غير الحكومية ونقصد هنا بالأساس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان التي كان صوتها قويا في كل المنظمات الدولية غير الحكومية وكانت سندا للمجتمع المدني الفلسطيني وكذلك الأمر بالنسبة الى الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره في الاتحاد الدولي للنقابات.
هذه الأيام وقّعت تونس وفلسطين مذكرة تفاهم ترمي الى تبادل التجارب والخبرات في مجالات تطوير برامج وآليات مقاومة الفقر والعمل على وضع ومأسسة برامج وآليات مكافحة الفقر ورعاية وإدماج الأشخاص ذوي الاعاقة.
المذكرة التي وقّعها وزير الشؤون الاجتماعية في تونس ووزير التنمية الاجتماعية الفلسطيني تفتح أبوابا كثيرة للتعاون ولتبادل الخبرات لمواجهة واحدة من اكبر المعضلات في الدول التي تخضع للاحتلال الفاشي البغيض المباشر وحتى الدول المستقلة التي عجزت فيها منظومات الحكم المتعاقبة على تحقيق الرفاه لمواطنيها والإحاطة الجيدة بمعوقيها وفئاتها ذات الاحتياجات الخاصة كالنساء والأطفال..
صحيح ان التجربة التونسية جيدة ومتقدمة في الكثير من المجالات غير ان ما ابتدعه الفلسطينيون وهم تحت الحصار وتحت الاضطهاد والقمع يمثل بدوره درسا وتجربة يمكن الاستئناس بها فتوفير حاجيات المواطنين تحت الاحتلال وتامين التربية والتعليم والخدمات الصحية بعلاتها والتنقل بين المتاريس والحواجز العسكرية الصهيونية وفوق كل ذلك كسب احترام المجموعة البشرية، كل هذا يثبّت البوصلة ويجعلنا في المستويين الرسمي والشعبي لا نتوانى ولا نؤخر ولا نتأخر في الوفاء بالتزاماتنا تجاه شعب فلسطين الذي نترك له خياره وحقه في تقرير مصيره على طريقته ووفق موازين قواه وكلنا ثقة في انه لن يفرط في الحق رغم غطرسة العدو وحلفائه، ونحن من جانبنا نتمسك بثوابتنا.
إننا بقدر حرصنا على رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني مهما تكن الذرائع والمبررات نحرص على تقديم المساعدة والدعم والإسناد لشعبنا الفلسطيني.
ان المطلوب منا اليوم في تونس وفي فلسطين ان نفعّل كل الاتفاقيات المبرمة بيننا والتي يعود كثير منها إلى عشرات السنين، وقد أبرمت بين وزارات التربية والتعليم والمرأة والتكوين المهني والتجهيز والثقافة وغيرها في بلادنا مع النظراء في فلسطين وحان الوقت لتطويرها وتثويرها لترجمة مقولة أن ما بين تونس وفلسطين أكبر وأهم من مجرد مذكرة تفاهم.
التشخيص والتوصيف متّفق عليه : كيف سيتمّ إنقاذ المؤسسات العموميّة؟
أشار وزير النقل رشيد عامري مطلع الأسبوع الجاري بأن برنامج مراجعة شاملة لشركة الخطوط التونس…