المحلّل السياسي حسان القصار لـ ”الصحافة اليوم” : الكرامة الوطنية قبل المال الأوروبي..!
تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد، لدى لقائه أمس الأول مع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار إلى علاقات تونس مع الاتحاد الأوروبي. وحسب بلاغ لرئاسة الجمهورية نشرته على صفحتها الفايسبوكية الرسمية فان الرئيس بالمناسبة أعلن عن العرض الأخير الذي قدّمه الاتحاد لدعم ميزانية بلادنا ومقاومة الهجرة غير الشرعية.
وجاء في البلاغ أيضا أن رئيس الجمهورية قد أكد على أن تونس التي تقبل بالتعاون لا تقبل بما يشبه المنّة أو الصدقة، وقال أن ابلادنا وشعبنا لا يريد التعاطف بل لا يقبل به إذا كان بدون احترامب. وأضاف أن ارفض عرض الاتحاد الأوروبي لم يأت لزهد المبلغ. فخزائن الدنيا كلها لا تساوي عند شعبنا ذرة واحدة من سيادتنا، بل لأن هذا المقترح يتعارض مع مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في تونس ومع الروح التي سادت أثناء مؤتمر روما في جويلية الفارطب.
االصحافة اليومب اتصلت في هذا الإطار بالمحلل السياسي حسان القصار ليقدم قراءة في رفض الرئيس قيس سعيد عرض الاتحاد الأوروبي المالي الذي ينوي تقديمه لبلادنا ومدى وجاهة هذا الرفض ووجاهة تعليله.
وأوضح محدثنا في هذا الصدد انه من البداية لابد من الإشارة إلى أن هناك مقاربات وقراءات مختلفة ومتباينة ، حول مسألة الاعتمادات الأوروبية وذلك في ما قيل في تونس وما يسوّق له في أوروبا.
فبالنسبة للفضاء الاوروبي حسب القصار تمثل مسألة الهجرة مسألة حياتية بنسبة محددة في الانتخابات. والهجرة هي أشبه بالطاقة التي تنشط الخطاب الشعبوي في أوروبا والموقف من الهجرة هو المحدد للمنافسة فيها وهذا التكتل مقبل على انتخابات أوروبية. وهذا ما يجعل كل الأحزاب تلتقط هذه المسالة والحكومات تحاول أن تسوّق إلى أنها أنجزت في مسألة الهجرة غير النظامية ومقاومتها.
الحقيقة والخطاب الأوروبي المروّج
ليضيف محدثنا انه ما سوق وما روّج أن الاتحاد الأوروبي سيقدم لتونس تعويضات أو أموالا مقابل أنها تغلق المنافذ على المهاجرين غير النظاميين وإمكانية تكوين معسكرات، إلى آخره… وللأسف هناك في تونس من يروّج لهذه المسالة ويروّج أيضا أن الحكومة التونسية بهذا الاتفاق ستعترض المهاجرين غير النظاميين. والحال أن الخطاب المروّج في تونس أن هذه الاتفاقية هي اتفاقية شاملة يعني أنها تتناول عدة نقاط، ومن ضمنها الهجرة غير النظامية. وبحكم أن تونس دولة ذات سيادة فإنه من حقها أن تراقب حدودها وان تنظم المسالة بما يتماشى مع مصالحها.
ونجد أن القادة الأوروبيين في الاجتماع الذي نظموه مؤخرا في مالطا ومن خلال الخطاب المروّج على مستوى الصحافة والإعلام فإنهم روّجوا إلى أنهم سيدفعون منّة والحال أن تونس هي حلقة من حلقات مسار الهجرة وليست في حاجة أن توجه لها صدقات ولا بد أن يكون تناول المسألة من الطرفين في اتجاه اتفاق على أن كل طرف يقوم بدوره. أما عندما تصبح المسالة كأنها منّة أو حطّ من هيبة وقيمة تونس ومكانتها فهذا مرفوض.
وحسب حسان القصار فإن مسألة الكرامة الوطنية هي المحدد حتى وان جعنا وحتى وان كان في البلاد مشاكل. فالحكومات السابقة في تونس تعودت على الذل والإذلال وقبول كل شيء مقابل صدقات، وذلك منذ الإطاحة بأحمد بن صالح، وواصلت بقية الحكومات نفس التمشي. وبمراجعة بعض الأحداث التاريخية وبعض المحطات وموقف تونس منها نجد أنها مقابل ذلك حصلت على تعويضات.
ليوضح محدثنا انه اليوم ومنذ حمودة باشا الحسيني لأول مرة نجد أن بلادنا تتابع مقاربة مختلفة ويقوم رئيس جمهورية والسلطة بالسعي إلى حفظ الكرامة الوطنية وحفظ صورة التونسي وذلك بغض النظر عن نجاحها في تحقيق ذلك أو عدم نجاحها.
وبالتالي عبر حسان القصار عن مساندته لموقف الرئيس قيس سعيد الرافض لما اعتبره صدقات كما تريد أن تصورها أوروبا وذلك بالرغم مما سيترتب عنها من صعوبات اقتصادية، باعتبار أنها كانت ستسهم في حل بعض المشاكل. وعبر عن تفضيله الحفاظ على الكرامة الوطنية والمحافظة على صورة التونسي وعلى صورة تونس وسيادتها على أن تعيش على صدقات تحصل عليها بطريقة وصفها بـاالمذلّةب لينوه بموقف الرئيس الذي رغم محدودية إمكانيات بلادنا فانه مصّر على بنائها بهذه الإمكانيات الذاتية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المفوضية الأوروبية كانت منذ 22 سبتمبر قد أعلنت أنه سيتم خلال الأيام المقبلة صرف مساعدة مالية بقيمة 60 مليون أورو لفائدة تونس فضلا عن برنامج دعم ميداني في مجال الهجرة بقيمة تناهز 67 مليون أورو. وكان من المقرر أن يزور وفد من مسؤولي المفوضية بلادنا الأسبوع المقبل للتباحث بشأن تنفيذ مذكرة التفاهم حول الشراكة الإستراتيجية والشاملة التي سيدمج برنامجها بين المساعدات المقررة ومساعدة جديدة في إطار برنامج جديد لدعم الهجرة بميزانية قدرها 105 مليون أورو.
هذاويتضمن الاتفاق تقديم مساعدة لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم الميزانية.
وقبل إمضاء الاتفاق كان قد أعرب الوفد الأوروبي المشرف على إمضاء المذكرة عن استعداد الاتحاد الأوروبي ضخ 900 مليون يورو حال التوقيع على الاتفاقية الشاملة في شهر جويلية الفارط، مع إمكانية تخصيص 150 مليون يورو إضافية لدعم الميزانية.أما المذكرة ككل فضمت خمسة محاور من أهمها الانتقال الرقمي والأخضر والاستثمار والتجارة وتطوير قطاع الطاقات المتجددة والتنمية الاقتصادية لبناء اقتصاد تونسي ومقاومة الهجرة غير المنظمة.
بعد أن كشفت زيارات الرئيس الميدانية تقصير المسؤولين الجهويين : العمل الميداني أصبح من ركائز عمل الولاّة
كشفت الزيارات الميدانية ذات الطابع الفجئي التي أداها رئيس الجمهورية قيس سعيّد الى مختلف ال…