2023-08-28

‭ ‬سكان‭ ‬الهوامش‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬المنكوبة: “العيش”‭..‬تحت‭ ‬الحدّ‭ ‬الأدنى‭ ‬الإنساني‭..!‬

في‭ ‬صور‭  ‬صادمة،‭ ‬لمواطنين‭ ‬يشربون‭ ‬من‭ ‬حفرة‭ (‬قلتة‭) ‬مع‭ ‬حيواناتهم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬أولاد‭ ‬عمر‭ ‬من‭ ‬عمادة‭ ‬بني‭ ‬حازم‭ ‬بمعتمدية‭ ‬مكثر‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬سليانة،‭ ‬وثقها‭ ‬وكشف‭ ‬عنها‭ ‬قسم‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية‭ ‬بالمنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬اللجوء‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭  ‬ناشطة‭ ‬بيئية‭ ‬ومتساكنين‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭  ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬المأساة‭ ‬وفك‭ ‬عزلة‭ ‬القرية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إيصال‭  ‬أصوات‭ ‬الأهالي‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬والسلطات‭ ‬المعنية‭ ‬لتحقيق‭ ‬مطلبهم‭ ‬الوحيد‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب،تعود‭ ‬بنا‭ ‬عجلة‭ ‬الزمان‭ ‬إلى‭ ‬ملف‭ ‬التنمية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬الذي‭ ‬يوثق‭ ‬معاناة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬متساكني‭  ‬المناطق‭ ‬الريفية‭ ‬والنائية‭ ‬بسبب‭ ‬الفقر‭ ‬والخصاصة‭ ‬ونقص‭ ‬جميع‭ ‬مرافق‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬والمرافق‭ ‬الصحية‭  ‬وانعدام‭ ‬التغطية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمساكن‭ ‬اللائقة‭ ‬التي‭ ‬تحفظ‭ ‬كرامتهم‭ ‬وإنسانيتهم‭.‬

أولاد‭ ‬عمر،‭ ‬منطقة‭ ‬ريفية‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المعزولة‭ ‬والمنكوبة‭ ‬اقتصاديا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬22‭ ‬عائلة‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬الـ100‭ ‬متساكن‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬تامة‭ ‬عن‭ ‬مركز‭ ‬المدينة‭ ‬الذي‭ ‬يبعد‭ ‬عنهم‭ ‬سبعة‭ ‬كيلومترات‭ ‬وتربطهم‭ ‬به‭ ‬طريق‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬يرثى‭ ‬لها‭. ‬وتزيد‭ ‬عزلة‭ ‬الأهالي‭ ‬معضلة‭ ‬العطش‭ ‬التي‭ ‬يعيشون‭ ‬مأساتها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬خدمات‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬وغياب‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬للماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬عين‭ ‬ماء‭ ‬طبيعية‭ ‬مشفوعة‭ ‬بمجرى‭ ‬بدأ‭ ‬تدفقها‭ ‬بالتراجع‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2019‭ ‬ليبلغ‭ ‬مستواه‭ ‬الأدنى‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬عن‭ ‬التدفق‭ ‬تماما‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬أوت‭. ‬

وقد‭ ‬ذكر‭ ‬قسم‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬مساندة‭ ‬للمنطقة‭ ‬أن‭  ‬أهالي‭ ‬أولاد‭ ‬عمر‭ ‬ظلوا‭ ‬صامدين‭ ‬ومستبسلين‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭  ‬بحقهم‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬وربطهم‭ ‬بشبكة‭ ‬الصوناد،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مطالبهم‭ ‬لم‭ ‬تقابل‭ ‬إلا‭ ‬بالتسويف‭ ‬والمماطلة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬السلط‭ ‬المحلية‭ ‬والجهوية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬ولاية‭ ‬سليانة‭ ‬وإقليم‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬مما‭ ‬يضطرهم‭ ‬اليوم‭ ‬للسير‭ ‬كيلومترات‭ ‬على‭ ‬الاقدام،‭ ‬وخاصة‭ ‬منهم‭ ‬النساء‭ ‬لجلب‭ ‬الماء‭ ‬من‭ ‬الواد‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬عين‭ ‬أخرى‭ ‬مجاورة‭ ‬لمنطقة‭ ‬يرتادها‭ ‬متساكنوقرية‭ ‬أخرى‭ ‬وما‭ ‬قد‭  ‬تنجر‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬نزاعات‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬العين‭ ‬وطوابير‭ ‬انتظار‭ ‬طويلة‭. ‬

وتطرح‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬واحدة‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬الريفية‭ ‬الأخرى،‭ ‬معضلة‭ ‬النقص‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬الذي‭ ‬برز‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬المتسارعة‭ ‬التي‭ ‬عجّلت‭ ‬بارتفاع‭ ‬متواصل‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬ولاسيما‭ ‬خطر‭ ‬الجفاف‭  ‬المحدق‭ ‬بالبلاد‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬شح‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬إطلاق‭  ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬والمختصين‭  ‬صيحة‭ ‬فزع‭ ‬،‭ ‬بأن‭ ‬تونس‭ ‬بلغت‭ ‬مرحلة‭ ‬الفقر‭ ‬المائي‭.‬

‭ ‬كما‭ ‬تعكس‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬الصادمة‭ ‬فشل‭ ‬السياسات‭ ‬المائية‭ ‬المعتمدة‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والتنمية‭ ‬والعدالة‭ ‬المائية‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬المساواة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬للجميع‭. ‬ويشكوا‭ ‬التونسيون‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬الى‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬اهتراء‭ ‬المنظومة‭ ‬المائية‭ ‬بفعل‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وفشل‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لها‭ ‬حيث‭ ‬أبرزت‭ ‬أيضا‭  ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬صور‭ ‬فيديو‭ ‬موثقة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭  ‬صعوبة‭ ‬التزود‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬،حقائق‭ ‬خالها‭ ‬التونسيون‭ ‬انتهت‭ ‬وخلت‭ ‬استعملت‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬الفيديوهات‭ ‬تذكر‭ ‬بعهود‭ ‬خالها‭ ‬التونسيون‭ ‬انتهت‭  ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬صهاريج‭ ‬المياه‭ ‬والدواب‭ ‬لجلب‭ ‬الماء‭.‬

وفي‭ ‬نقاط‭ ‬مشتركة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬ذلك‭ ‬الماضي‭ ‬وهذا‭ ‬الحاضر‭ ‬أصدر‭ ‬قسم‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية‭ ‬للمنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فرع‭ ‬القيروان‭  ‬في‭ ‬23‭ ‬أوت‭ ‬2023‭ ‬بيان‭ ‬مساندة‭ ‬لأهالي‭ ‬منطقة‭  ‬الأرباع‭ ‬بالقيروان‭ ‬يوثق‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬واقعا‭  ‬مخالفا‭ ‬تماما‭  ‬للحقوق‭  ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬شرعها‭ ‬الدستور،‭ ‬واقع‭ ‬يكشف‭ ‬معاناة‭ ‬حوالي‭ ‬115‭ ‬عائلة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأرباع‭ ‬من‭ ‬عمادة‭ ‬اسيسيبب‭ ‬من‭ ‬معتمدية‭ ‬السبيخة‭ ‬بولاية‭ ‬القيروان‭ ‬من‭ ‬شبح‭ ‬العطش‭ ‬والغياب‭ ‬الكلي‭ ‬للماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬والذي‭ ‬تسبب‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬وثقه‭ ‬المنتدى‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬لدى‭ ‬المتساكنين‭ ‬خاصة‭ ‬مرض‭ ‬الكلى‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬والشيوخ‭   ‬وآلام‭ ‬الظهر‭ ‬لدى‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الاحتقان‭ ‬والغضب‭ ‬واندلاع‭ ‬التحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬المنطقة‭ ‬مؤخرا‭ ‬بسبب‭ ‬عزلتهم‭ ‬وعدم‭ ‬ربط‭ ‬منطقتهم‭  ‬بشبكة‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬الذي‭ ‬تضمنه‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الشركة‭ ‬التونسية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬حيث‭ ‬مازال‭ ‬أهالي‭ ‬الأرباع‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2005‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬يطمحون‭ ‬إلى‭ ‬ربطهم‭ ‬بالشبكة‭ ‬لكن‭ ‬جميع‭ ‬تحركاتهم‭ ‬باءت‭ ‬بالفشل‭. ‬

الأرياف‭ ‬المنكوبة‭ ‬

وأكدت‭ ‬منيارة‭ ‬مجبري‭ ‬عضو‭ ‬بقسم‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية‭ ‬للمنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فرع‭ ‬القيروان‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـاالصحافة‭ ‬اليومب‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬60‭ ‬الف‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬الولاية‭ ‬محرومون‭ ‬من‭ ‬الحق‭ ‬الطبيعي‭ ‬والكوني‭ ‬والدستوري‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بالمياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭ ‬لا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الشركة‭ ‬التونسية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الجمعيات‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬معضلة‭ ‬هيكلية‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬المياه‭ ‬نظرا‭ ‬لكثرة‭ ‬المشاكل‭ ‬والتعقيدات‭ ‬التي‭ ‬تشوب‭ ‬عمليات‭ ‬توزيع‭ ‬المياه‭. ‬

وأفادت‭ ‬مجبري‭ ‬بوجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الهيكلية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حرمان‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تفاوت‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬الجمهورية‭ ‬وعدم‭ ‬مساواة‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بحقهم‭ ‬في‭ ‬الماء،‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬مراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬المائية‭ ‬والتشريعات‭ ‬من‭ ‬خلال‭  ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬المنظومة‭ ‬المائية‭ ‬وإصلاح‭ ‬مجلة‭ ‬المياه‭ ‬بشكل‭ ‬تشاركي‭ ‬كما‭ ‬طالبت‭  ‬مجبري‭ ‬بضرورة‭ ‬تركيز‭ ‬إدارات‭ ‬جهوية‭ ‬للشركة‭ ‬التونسية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬لتسهيل‭ ‬عمليات‭ ‬ربط‭ ‬المناطق‭ ‬المحرومة‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬لاسيما‭ ‬وانه‭ ‬هناك‭ ‬قرارا‭ ‬وزاريا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يطبق‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬حسب‭ ‬قولها‭. ‬

بدورها‭ ‬جددت‭ ‬إيناس‭ ‬لابيض‭ ‬منسقة‭ ‬قسم‭ ‬العدالة‭ ‬البيئية‭ ‬للمنتدى‭ ‬التونسي‭ ‬للحقوق‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬تصريحها‭ ‬لـاالصحافة‭ ‬اليومب‭ ‬دعوتها‭ ‬إلى‭ ‬االإسراع‭ ‬في‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬مجلة‭ ‬المياه‭ ‬الجديدة،‭ ‬مؤكدة‭  ‬أن‭  ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬لاسيما‭ ‬الريفية‭ ‬والقروية‭ ‬والمناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬منها‭  ‬مازالت‭ ‬تعيش‭ ‬فياعزلة‭ ‬تامة‭ ‬جغرافية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وغير‭ ‬مبرمجة‭ ‬للربط‭ ‬بشبكة‭ ‬الصوناد‭ ‬بسبب‭ ‬تعلات‭ ‬مادية‭ ‬بحتة‭ ‬مثل‭ ‬التعلل‭ ‬بارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬الربطب‭ . ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭  ‬300‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬مواطني‭  ‬تونس‭ ‬محرومين‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بحقهم‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬وظل‭ ‬مصدرهم‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬التزود‭ ‬بالمياه‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬خلت‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭  ‬العيون‭ ‬والأودية‭ ‬والحفر‭ ‬مع‭ ‬حيواناتهم‭ ‬موضحة‭ ‬بأن‭ ‬السياسة‭ ‬المائية‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬غير‭ ‬ناجعة‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬منظم‭ ‬يضع‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬في‭ ‬أولوية‭ ‬استعمالات‭ ‬المياه‭ ‬مبينة‭ ‬بأن‭ ‬80‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قطاع‭ ‬الفلاحة‭ ‬و19‭ ‬بالمائة‭ ‬فقط‭ ‬تذهب‭ ‬للمواطن‭ ‬فيما‭ ‬يتم‭ ‬استغلال‭ ‬الباقي‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬السياحة‭ ‬والصناعة‭. ‬

وأكدت‭ ‬لابيض‭ ‬بأن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لوضع‭ ‬مشروع‭ ‬مجلة‭ ‬المياه‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المصادقة‭ ‬عليها‭ ‬كحل‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬هيكلة‭ ‬منظومة‭ ‬المياه‭ ‬وتحدث‭ ‬تغييرا‭ ‬جذريا‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬حاليا‭ ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬صحيحة‭ ‬تعيد‭ ‬للمواطن‭ ‬كرامته‭ ‬وإنسانيته‭ ‬وحقه‭ ‬المسلوب‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتبار‭ ‬الماء‭ ‬قيمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬وإنسانية‭ ‬لا‭ ‬مجرد‭ ‬مصدر‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬المادية‭. ‬ودعت‭ ‬أيضا‭ ‬محدثتنا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭  ‬إفراد‭ ‬قطاع‭ ‬المياه‭ ‬بوزارة‭ ‬خاصة‭ ‬به‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬توكل‭ ‬اليها‭ ‬مهام‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلته‭ ‬والتوقف‭ ‬الفوري‭  ‬عن‭ ‬اسداء‭ ‬التراخيص‭ ‬لشركات‭ ‬التعليب‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬ترتكب‭ ‬تجاوزات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المواطن‭ ‬وأصبح‭  ‬هدفها‭ ‬الأساسي‭ ‬تحقيق‭ ‬الغايات‭ ‬الربحية‭ ‬بشكل‭ ‬جعل‭ ‬عددها‭ ‬يتفاقم‭  ‬ووصل‭ ‬إلى‭ ‬30‭ ‬شركة‭ ‬تنشط‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬ولاية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭  ‬الولايات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭  ‬العطش‭. ‬

كما‭ ‬عرجت‭ ‬لابيض‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬الخبير‭ ‬الأممي‭ ‬الذي‭ ‬سجل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬مياه‭ ‬الشرب،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الأرياف‭ ‬حيث‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النقائص‭ ‬ونقاط‭ ‬خلل‭ ‬كثيرة‭   ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬المائية‭ ‬وحقائق‭ ‬صادمة‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بتونس‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والحريات‭ ‬التي‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬كرامة‭ ‬المواطن‭ ‬وضمان‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬لكل‭ ‬المواطنين‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭  ‬57‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬مياه‭ ‬شرب‭ ‬مأمونة،‭ ‬بينما‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬650‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬لا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭ ‬في‭ ‬بيوتهم،‭ ‬ومعظمهم‭ ‬يقطنون‭ ‬المناطق‭ ‬القروية‭ ‬والريفية‭ ‬كما‭ ‬سجل‭ ‬المقرر‭ ‬الأممي‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬البلاد‭ ‬تزايد‭ ‬االاستغلال‭ ‬المفرطب‭ ‬للمياه‭ ‬وانتشاراً‭ ‬للآبار‭ ‬غير‭ ‬القانونية،‭ ‬مبرزاً‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬ايزيد‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬المياه،‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬الآمنة‭ ‬والصرف‭ ‬الصحي‭ ‬للخطرب‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

التطورات الجديدة في ملف الأعوان المتعاقدين بوزارة التربية : هل هي بداية الانفراج للقطع النهائي مع آليات التشغيل الهش؟

بعد سنوات طويلة من النضالات المتواصلة من أجل حلحلة ملفهم الذي  ظل يراوح مكانه بسبب عدم تجا…