رئيس الحكومة يلتقي وزراء حكومة رئيس الجمهورية: تفعيل للوظيفة التنفيذية أم استعداد للتحوير؟
باشر رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني مهامه في القصبة في الفاتح من شهر أوت 2023 بلقاء مفتي الجمهورية التونسية هشام بن محمود الذي هنّأه بالمنصب، وكان اللقاء مناسبة للحديث عن برامج عمل ديوان الإفتاء ودوره الطلائعي في الفكر والتنوير وإعلاء قيم التسامح وفقا للمنهج الإسلامي الزيتوني المنفتح حسب ما جاء في الصفحة الرسمية للحكومة بالفايسبوك.
منذ ذلك التاريخ استقبل رئيس الحكومة عددا من الوزراء بلغ إلى حد الآن السبعة وهو ما يعني ثلث الفريق الحكومي تقريبا الذي ورثه في القصبة عن نجلاء بودن مع الإشارة إلى عدم وجود من يوصفون بوزراء السيادة ضمن الضيوف.
وقد كان اللقاء الأول بوزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب القزاح وبعدها وزيرة المالية سهام البوغديري النمصية، ثم استقبل وزير الشباب والرياضة كمال دقيش ووزير التربية محمد علي البوغديري وكذلك وزير النقل ربيع المجيدي ووزير السياحة محمد المعز بلحسن وكان آخر اللقاءات والذي قد لا يكون الأخير مع وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بالحاج موسى.
وحسب الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة بالفايسبوك دائما، فان اللقاءات كلها كانت مناسبة اطلع خلالها رئيس الحكومة على مختلف برامج الوزارات وعلى استراتيجياتها والإجراءات التي يتم الآن اتخاذها.
والجدير بالملاحظة أن رئيس الحكومة أحمد الحشاني لم يلتق إلى حد الآن كامل الفريق الحكومي في إطار جلسة أو مجلس وزاري يشرف عليه شخصيا او يتم تحت اشراف رئيس الجمهورية كما ينص عليه دستور تونس الجديد لعام 2022 .
وفي غياب حديث مباشر وخطاب مباشر أيضا للسيد أحمد الحشاني الذي يتشوّق التونسيون وربما غير التونسيين لسماع صوته ومعرفة رؤيته للعمل الحكومي وبرنامجه التنفيذي للسياسة العامة للدولة التي ضبطها ساكن قرطاج وفق الدستور دائما. لا يحتاج الأمر لكثير من الاجتهاد لاستنتاج أن نشاط رئيس الحكومة لا يمكن أن يخرج عن دائرة مشغلين أو خيارين، فهو إما بصدد تفعيل الوظيفة التنفيذية للفريق الحكومي حتى تتناغم وتتجاوب مع ما يريده رئيس الجمهورية أو انه – وهذا الأقرب للمنطق – بصدد اكتشاف الوزراء لتحديد من منهم سينجح في االكاستينغب ويحافظ على حقيبته في تحوير لم يعد فقط مطلبا شعبيا او على الأقل لجزء من الشعب ولكن أيضا حلا ضروريا لإحداث نقله في العمل الحكومي تتجاوز سلبيات مرحلة نجلاء بودن التي خرجت في تقديرنا من الباب الصغير دون ان تحقق مكاسب في المجالين الاقتصادي والاجتماعي اللذين يحرص عليهما رئيس الجمهورية واللذين يمثلان جوهر الأزمة المركبة التي تكابدها تونس منذ فترة ليست بالهيّنة.
وبالعودة الى الجدول الزمني لهذه اللقاءات فان تواترها ونسقها وامتدادها على قرابة الشهر بما ان أول لقاء حصل في الثاني من أوت واللقاء الأخير حصل يوم 23 من نفس الشهر فان هذا النسق في تقديرنا لا يتناسب مع حجم التحديات ومع حجم التركة التي وجدها ساكن القصبة الجديد.
إن حكومة أحمد الحشاني ليست في تقديرنا وعلمنا حكومة تصريف أعمال ويجب ان لا تكون كذلك فهي الى جانب الملفات الاقتصادية والاجتماعية العالقة تجد نفسها في أتون استحقاقات انتخابية من العيار الثقيل ستبدأ خلال الفترة القادمة بانتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم في ديسمبر 2023 تقريبا ثم الانتخابات الرئاسية في أفق 2024 وهي محطات تتنزل ضمن المشروع السياسي للرئيس قيس سعيد.
لقد وضع رئيس الجمهورية مباشرة بعد أداء رئيس الحكومة للقسم، وضع أمامه ما يمكن اعتباره خطاب التكليف الذي شخّص فيه الواقع الذي هو ليس على ما يرام وركّز بالخصوص على ضرورة التدارك في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بما ان حصاد رئيسة الحكومة السابقة نجلاء كان دون المأمول وبالتالي فان ساكن القصبة مطالب برفع نسق عمله وحسم أمره وأمر فريقه الحكومي في اقرب الآجال حتى يقطع مع التردد ومع الأيادي المرتعشة ويضع حدا أيضا لهذا التدافع بين المنخرطين والمساندين لرئيس الجمهورية والمطالبين في السر والعلن بضرورة ضخ دماء جديدة في الحكومة بل ان بعض القوى السياسية الداعمة لـ 25 جويلية ورغم ضعف وزنها في الشارع لكنها تروج هذه الأيام خطابا نقديا وتحذيريا من مغبة تجاهل مطالبها في إجراء التحوير وسد الشغورات وتطهير الإدارة والتقدم في ما أسماه رئيس الجمهورية الحرب على الفساد، فإلى أي مدى سينجح ساكن القصبة الجديد في ارفع هذه التحدياتب؟ ورفع التحديات مقولة لها وقع وذكرى لا يمكن للتونسيين نسيانها بسهولة والأهم من ذلك انه لا يمكنهم التعامل معها بنفس الطريقة التي كانت قبل ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة.
رئيس الجمهورية يحفّز فريقه الحكومي.. نحو توحيد العزائم على طريق «البناء والتشييد»..
لم يعد خافيا على أحد من المتابعين للشأن التونسي في الداخل والخارج أن رئيس الجمهورية قيس سع…