المشاريع العمومية المعطّلة: لـغز متواصل…
أخفقت الحكومات المتعاقبة منذ الثورة الى اليوم في إنجاز مشاريع التنمية، التي وعدت بها؛ لتبقى تطلعات التونسيين نحو تحسين اوضاعهم معلّقة ومؤجلة لأسباب غير واضحة المعالم، وتبقى ابرزها تعقيدات البيروقراطية الادارية…
ولطالما انتقد رئيس الجمهورية قيس سعيد بشدة العراقيل الإدارية التي تَحُول دون تنفيذ عديد المشاريع وتَحُول دون الشروع في إنجاز الأشغال. وما يزال يعتبر أن العقبات الإدارية مقصودة وليست من قبيل الصدفة، مبينا أن العديد من المشاريع مُعطلة ولم يتم الإنطلاق في إنجازها رغم أن الأموال مرصودة، ومتهما اطرافا في جهاز الدولة متسببة في هذا التعطيل.
واستنكر رئيس الدولة تأخر وتعطل انجاز عدة مشاريع من بينها مستشفى غار الدماء في جندوبة منذ 2007 وأيضا مستشفى الملك سلمان بالقيروان…
ويبقى موضوع المشاريع العمومية والكبرى مسألة على غاية من التعقيد حيث تم تخصيص مستشارين وكتّاب دولة في حكومات ما بعد الثورة لهذه الخطة المتمثلة في متابعة الملف، إلا أن التسريع ونسق الانجاز لم يتحسن…
وفي 24 اكتوبر 2022 أصدر الرئيس مرسوما متعلقا بتحسين نجاعة إنجاز المشاريع العمومية والخاصة يضم 43 إجراء، أهمها إحداث لجنة عليا يشرف عليها رئيس الحكومة لإقرار الحلول الملائمة للإشكاليات المعطلة للمشاريع العمومية.
ويندرج المرسوم، في إطار تجسيم الإجراءات العاجلة لتنشيط الاقتصاد، الا ان المرسوم لم نر نتائجه على ارض الواقع.
في هذا الاطار ترأس رئيس الجمهورية قيس سعيّد أول أمس الإثنين بقصر قرطاج، جلسة عمل حضرها كل من أحمد الحشاني، رئيس الحكومة، ومصطفى الفرجاني، الوزير المستشار لدى رئيس الجمهورية، وعلي المرابط، وزير الصحة، وسارة الزعفراني الزنزري ، وزيرة التجهيز والإسكان، وعبد الرؤوف عطاء الله، المستشار أول لدى رئيس الجمهورية مكلف بالأمن القومي، ومحمد بورقيبة، والي القيروان، ورجب عرعود، الرئيس المدير العام للوكالة العقارية للسكنى.
وتناول الاجتماع الأسباب التي وقفت حائلا أمام إنجاز مشروع مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين بمدينة القيروان.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن هذا التأخير فضلا عن أنه يمس بمصداقية الدولة التونسية، حرم الكثير من المواطنين من حقهم المشروع في الصحة والعلاج. كما أكد على أن التعلل بالدراسات وبالجوانب الفنية وغيرها من الأسباب الواهية ليس مبررا على الإطلاق، ولا يمكن القبول تحت أي مبرر كان باستمرار الدراسات منذ سنة 2017 إلى اليوم، فالأموال مرصودة ولكن كلما تم إنجاز دراسة إلا ووقع استبدالها بدراسة ثانية لتليها أخرى ثالثة ولا أثر في الواقع لأي إنجاز.
كما تم التعرض لعدد من المشاريع الأخرى التي تمت بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة وتم إنجازها بالكامل ولكنها بقيت مغلقة بحجة الربط بشبكات توزيع الماء أو الكهرباء أو التطهير.
وشدّد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع في تنفيذ عدد من المشاريع ومحاسبة كل من يعمل على تعطيل إنجازها سواء داخل مؤسسات الدولة أو من جماعات الضغط التي تعتبر المرافق العمومية خطرا يتهددها أو يمسّ بمصالحها.
منظومة معقدة
وأوضح الخبير في الحوكمة والتنمية المحلية حاتم المليكي في تصريح لـاالصحافة اليومب أن كل المشاريع العمومية المعطلة تعود لاسباب مختلفة ابرزها تدني ميزانية الاستثمار التي تراجعت من 35 بالمائة سنة 2010 الى 6.7 بالمائة سنة 2023. موضحا أن اتدني نسبة الانجاز تعود لتعقيدات بيروقراطية متعلقة بطول انجاز الدراسات وتعقيد قانون الصفقات العمومية، وقدرة التصرف في الادارة في المناطق الداخلية تبقى ضعيفة، فضلا عن نقص عدد المقاولين الذين لديهم مؤهلات لانجاز هذه المشاريع، بالاضافة الى الديون المطروحة على الدولة لفائدتهمب.
ويدعو حاتم المليكي في هذا السياق الى التمييز بين الانجاز التقني وما ترصده الدولة وهنا يكمن الإشكال. حيث لاحظ الخبير في الحوكمة ان ميزانية الاستثمار للمجالس الجهوية والمحلية تقلصت جدا وأصبحت لا تتجاوز 6 بالمائة، مشيرا الى ان تعطل مشروع مستشفى الملك سلمان بالقيروان هو ابرز مثال على كل هذه الاشكاليات، رغم ان الاموال مرصودة له منذ سنة 2016 حيث طغت الأسباب الفنية على هذا التعطيل وقد تكون هناك اسباب سياسية وداخلية خاصة بالولاية، حسب تعبيره.
وفي سنة 2022 أكدت رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن الحكومة تعمل على إيجاد الحلول لعدد من المشاريع الكبرى المعطلة بهدف إعادة النشاط الاقتصادي تدريجيا وتحقيق نسب النمو المرجوة.
وفي نفس السياق، أفاد لطفي فرادي رئيس الهيئة العامة للتوازنات الجملية بوزارة الإقتصاد والتخطيط في موفى 2022 خلال مداخلة له على اذاعة ااكسبريس اف امب أن نسبة الإستثمار من الناتج الجملي في الفترة الإنتقالية بعد الثورة قد انخفضت من 24 بالمائة إلى حوالي 16 بالمائة حاليا وهو انخفاض مفزع من شأنه تعطيل الدورة الإقتصادية.
وأشار أن الدينا منظومة ترتيبية وتشريعية معقدة نوعا ما وتستوجب المراجعة والتحيين لتواكب المتطلبات الإقتصاديةب.
كما بين أن هناك عديد المشاريع المعطلة نظرا للإشكاليات العقارية وخاصة ما يتعلق بتغيير الصبغة الفلاحية.
هذا وأفاد لطفي فرادي أن أغلب المشاريع التي فيها تمويل خارجي يتم النظر فيها مرتين وهو ما يساهم في إضاعة الوقت ولذلك تم احداث لجنة تدقيق خاصة بهذه المشاريع.
مهمة هيئة الانتخابات: تقديرات نفقات انتخابية محتملة سنة 2025 تتجاوز 74 مليون دينار : نواب يطالبون بتطوير أداء الهيئة لتحسين نسب المشاركة الانتخابية
ناقش أعضاء الغرفتين النيابيتين بقصر باردو أمس مشروع ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخا…