باستثناء السياحة والقطاع المالي: انكماش اقتصادي في أغلب القطاعات في الثلاثي الثاني من 2023
أثارت الأرقام الأخيرة التي أصدرها المعهد الوطني للإحصاء حول نسبة النمو الاقتصادي جدلا متواصلا و تحاليل عديدة من طرف الخبراء والمختصين في الاقتصاد الذين اجمعوا على انها ضعيفة ودون المأمول بكثير وذلك بالنظر الى أن هذه المؤشرات ولئن كانت منتظرة بالنسبة للبعض في ظل الوضعية الاقتصادية الراهنة فإنها كانت صادمة بالنسبة للبعض الآخر وأقل من التقديرات الداخلية وحتى تقديرات صندوق النقد الدولي، وأكدت حالة الإنكماش وتباطؤ النمو الاقتصادي الوطني خاصة وانخفاض آداء عديد القطاعات خاصة القطاع الفلاحي وقطاع الأنشطة الصناعية فضلا عن تراجع نمو الطلب الداخلي المتكوّن من نفقات الاستهلاك والاستثمار.
وكان المعهد الوطني للاحصاء قد كشف في نشريته الدورية الأخيرة أن النشاط الاقتصادي قد سجل نموا في حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 0,6 % على مدى الثلاثية الثانية للسنة الحالية (من أفريل إلى جوان لسنة 2023) وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة، أي بحساب الانزلاق السنوي،لكنه سجل تراجعا مقارنة بالنمو المسجل خلال الثلاثية الأولى لسنة 2023 (1,9 %).
اما مقارنة بالثلاثي الأوّل من السنة الحالية، فقد سجل حجم الناتج المحلي الإجمالي نموا سلبيا بنسبة -1,3 %، بينما كان قد ارتفع بنسبة 0,7 % خلال الثلاثية السابقة. وعلى هذا الأساس، يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نموا بـ1,2 في المائة خلال السداسي الأوّل من السنة الحالية. في حين لم يدرك بعد حجم الناتج المحلي الإجمالي مستواه المسجل في نهاية عام 2019، أي قبيل الأزمة الصحية.
وحسب ذات المصدر فقد كان لتعثر أداء القطاع الفلاحي، نتيجة للظروف المناخية، تأثير سلبي على منحى نمو الاقتصاد الوطني خلال الأشهر الأخيرة والذي من المرتقب أن يمتد على باقي السنة الحالية.
تجدر الإشارة إلى أنه قد تمت مراجعة نسبة النمو خلال الثلاثي الأوّل من سنة 2023 من 2,1 % (والتي صدرت في نشرية شهر ماي الفارط) إلى 1,9 % إثر تحيين تقديرات إنتاج الموسم الفلاحي. وقد أفضت التقديرات الأولية إلى تسجيل انخفاض في قطاع الصناعات المعملية ،كما تراجع حجم القيمة المضافة في قطاع الطاقة و المناجم والتطهير ومعالجة النفايات وتقلص الإنتاج في قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي و نشاط قطاع المناجم وبذلك يكون القطاع الصناعي قد سجّل تراجعا بـ 2,1 % خلال الثلاثي الثاني من سنة 2023 بالمقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة .
ووصف استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي في تدوينة له الثلاثية الثانية من هذه السنة بأنها “الثلاثية الأسوأ منذ 2021” و”الثلاثية الأضعف منذ 25 جويلية 2021” معتبرا أن نسبة النمو الاقتصادي في الـ 6 أشهر الأولى لهذه السنة المقدرة بـ 1,2 % هي “نسبة أقل من تقديرات قانون المالية لهذه السنة (1،8 %) “و”أقل حتى من تقديرات صندوق النقد الدولي (1,6)”.وفي ما عدا السياحة التي حققت نسبة نمو عالية بـ 17،5 % والأنشطة المالية يعني البنوك، 6,2 % فإن “جل القطاعات الاقتصادية شهدت تراجعا حادا”. فالفلاحة شهدت تراجعا بـ 12,5 %, واستخراج البترول تراجع بـ 61,5 % والمناجم، يعني الفسفاط تراجع بـ 14,1 % والبناء والتشييد تراجع بـ 5,6 % والصناعة ككل تراجعت بـ 2,1 %.ويرى الخبير ان هذا الانكماش الاقتصادي ناتج أساسا من تراجع الطلب الداخلي (0,2 %) من استهلاك خاص واستثمار. فالاستهلاك الخاص تراجع نتيجة لتهرؤ المقدرة الشرائية للمواطن التونسي والاستثمار الخاص انكمش بصورة واضحة نتيجة لانعدام الثقة في المستقبل وعدم وضوح في الرؤية الاقتصادية بعد ازدواجية البرنامج الاقتصادي لدى رأسي السلطة التنفيذية.
وفي خصوص نسبة البطالة التي بين معهد الاحصاء انها تراجعت بنصف نقطة في الثلاثي الثاني من هذه السنة حيث استقرت في حدود 15,6 % بعد أن كانت في 16,1 % في الثلاثي الأول أوضح الشكندالي أن تحسنها قد يفسر “بتراجع عدد طالبي الشغل” و”ليس باحداثات إضافية في الشغل” وقد يكون هذا التفسير مرتبطا بمعدلات الهجرة المنظمة وغير المنظمة وفق رأيه .لكن بالنسبة للخبير في الاقتصاد عز الدين سعيدان فقد عبر عن استغرابه الشديد من انخفاض نسبة البطالة في وجود نمو اقتصادي ضعيف قائلا أنه “في ظل نسبة نمو ضئيلة قدرت بـ( 0,6 %) في نهاية الثلاثي الثاني من السنة الحالية مقارنة بالثلاثي الثاني من السنة الفارطة، و نسبة نمو سلبية (- 1,3 %) نهاية الثلاثي الثاني من السنة الحالية مقارنة بنهاية الثلاثي الاول من هذه السنة فإن نسبة البطالة تنزل من 16,1 % الى 15,6 % بما يعني أننا خلقنا 23 الف موطن شغل جديد” معتبرا ذلك أمرا مستغربا سيما وأن المقاربات العلمية ترى أن خلق مواطن الشغل لا يتم إلا بالنمو الإقتصادي وأن نقطة نمو تساوي عادةً 15000 موطن شغل.
المحكمة الجنائية تنصف غزة : أوامر باعتقال نتانياهو وغالانت من أجل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس أوامر اعتقال بحق …